أطلق ساسة أمريكيون بارزون حملة ضد الحكومة التركية بقيادة الرئيس رجب طيب أردوغان، بزعم أن الأخير يقود بلاده بعيدا عن "الديمقراطية"؛ فيما كشفت تقارير علاقة المبادرة بمنظمة "غولن".
وتضم حملة "برنامج الديمقراطية التركية" كلا من مستشار الأمن القومي الأمريكي الأسبق، جون بولتون، وحاكم فلوريدا الأسبق، جيب بوش، شقيق الرئيس الأسبق، جورج بوش الابن.
ويظهر من قائمة المؤسسين للحملة، التي اطلعت عليها "عربي21"، ميولهم المحافظة في السياسة الأمريكية وعضويتهم بالحزب الجمهوري؛ ويقودهم رجل الأعمال "مارك والاس"، الذي عمل في بعثة واشنطن الأممية خلال إدارة بوش الابن.
ومن بين قادة الحملة الـ12، يوجد شخصان تركيان فقط؛ هما "أيكان إردمير" و"سليمان أوزيرين"، اللذان ينشطان في مؤسسات تأثير بالولايات المتحدة.
وتنتقد الحملة مناخ الحريات في تركيا، وتزعم بأن البلاد انحرفت عن "الديمقراطية"، وبأنها، تحت قيادة أردوغان؛ "تهدد جيرانها الإقليميين وتدعم جماعات متطرفة، وتنشر الرجال والمواد لتأجيج صراعات تمتد من الشرق الأوسط إلى أوروبا، وتضطهد أقليات عرقية، وتدمر الصحافة الحرة، وتسجن وتقتل معارضين سياسيين".
لكن تقريرا لصحيفة "صباح" التركية، ترجمته "عربي21"، لفت إلى أن "إردمير"، المشارك بتأسيس الحملة؛ متهم بعضوية منظمة "غولن"، وتوجد بحقه مذكرة توقيف.
وأوضحت الصحيفة أن إردمير كان عضوا في البرلمان عن حزب الشعب الجمهوري (2011- 2015)، وهو متهم بأحداث كانون الأول/ ديسمبر 2013، التي عرفت بـ"محاولة الانقلاب القضائي"، عندما حاولت منظمة "غولن"، عبر أذرعها القضائية، الانقلاب على الحكومة المنتخبة بزعم مكافحة "عمليات فساد ورشوة".
ويعتقد أن إردمير كان حلقة الوصل للترتيب لاجتماع في الولايات المتحدة بشأن المحاولة الانقلابية تلك قبل 13 يوما من تنفيذها.
وقرر القضاء التركي مصادرة أمواله والتحفظ على شركاته لانتمائه للمنظمة، وفر إثر ذلك إلى الولايات المتحدة.
تجدر الإشارة إلى أن إردمير على علاقة قوية بالاحتلال الإسرائيلي، وكان قد أجرى زيارة للقدس المحتلة عقب أحداث أسطول الحرية، عام 2013، للترويج لتطبيع العلاقات، بحسب صحيفة "جيروزاليم بوست" التي تابعت الزيارة آنذاك، وأجرت حوارا معه.
وأضافت صحيفة "صباح" التركية أن أوزيرين يعتقد بأنه صديق مقرب لـ"أوندر أيتاك"، أحد كبار المسؤولين التنفيذيين في منظمة غولن، وعضو هيئة تدريس سابق في أكاديمية الشرطة.
وفي حديث لـ"عربي21"، قال الصحفي التركي، حمزة تكين، إن هذه الحملة ليست الأولى من نوعها في الولايات المتحدة ضد تركيا بشكل عام وضد أردوغان بشكل خاص.
وأوضح تكين أن "العديد من المسؤولين الحاليين والسابقين يعارضون التوجه الحالي لأنقرة نحو الاستقرار بالقرار السياسي والعسكري والاقتصادي عن الولايات المتحدة، والتعاطي مع الأخيرة على قاعدة الندية".
وأضاف: "يدفعهم ذلك المنحى التركي إلى شن حملات أو خطوات على الأرض ضد أنقرة بين الفينة والأخرى، غالبا ما تكون قائمة على أساس معلومات مغلوطة أو مفبركة".
وتابع: "هذه الحملات عادة ما تكون بحاجة إلى دعم وتمويل كي تبدأ وتستمر، وهو ما تتكفل به جهات أمريكية وغير أمريكية، ما يعني أن المال السياسي حاضر هنا وبقوة كما كان في المحاولة الانقلابية الفاشلة عام 2016، التي وقفت وراءها منظمة غولن".
وشدد تكين في السياق ذاته على وجود بصمات واضحة لتلك المنظمة في الحملة الأخيرة، فيما يأتي اختيار توقيتها لسببين؛ "الأول هو أننا على أعتاب الذكرى السنوية الخامسة لفشل المحاولة الانقلابية، حيث ينفس من قاموا بها، وفشلوا، عن انزعاجهم بمثل هذه الحملات".
والسبب الثاني، بحسب تكين، "هو أن هذه اللوبيات الأمريكية المدعومة من جهات غير أمريكية أيضا، ومن منظمة غولن، تحاول تعكير صفو العلاقات بين واشنطن وأنقرة، لا سيما وأن لقاء أردوغان ونظيره الأمريكي جو بايدن مؤخرا كان إيجابيا في بعض النقاط".
وتتهم أنقرة منظمة "غولن" بالمسؤولية عن محاولة الانقلاب العسكري في 15 تموز/ يوليو 2016، والتي قتل وأصيب خلالها المئات، وفشلت جراء هبة شعبية كبيرة، حيث ملأ المواطنون الشوارع ومنعوا الدبابات من المرور.
وسلطت صحيفة "صباح" الضوء على تغريدة لبولتون، يعلن فيها انطلاق الحملة، قال فيها: "حان الوقت لدق ناقوس الخطر بشأن تركيا".
وأضاف: "تحت حكم زعيم استبدادي، يدير حليف موثوق به في الناتو ظهره للديمقراطية ويحتضن روسيا"، ما يشير إلى أبعاد سياسية للحملة.