عندما يتمّ تأهيل أي طريق في أية محافظة أو منطقة في سورية، غالباً ما تبدو الصورة جميلة لعملية التأهيل لحظة تدشينها، لكن بعد فترة قد لا تطول تبدأ المفاجآت، إما بحدوث الخلل كانهيار الأطاريف أو التربة على جانبي الطريق أو الحفر والجور، ما يشكّل خطراً على السيارات العابرة وحتى المارة من المواطنين.
في طرطوس يظهر المثال واضحاً، وتحديداً ما يخصّ تأهيل الطريق الواصل بين المدينة والدريكيش، فرغم أنه لاقى استحساناً من قبل الأهالي وأصحاب السيارات والمركبات العابرة بمختلف أنواعها، لأنه اختصر المسافة ووفر الوقت والجهد لسالكي الطريق، وخفّف الحوادث المرورية وخدّم العديد من القرى في محوره حيث يبلغ طوله 25 كيلومتراً، لكن هناك شكاوى بدأت ترد من أهالي القرى الواقعة على طرفي الطريق، وخاصة لجهة سوء التنفيذ الذي بدأ يتكشّف مع موسم الأمطار، يضاف لذلك خطر المنحدرات على جانبي الطريق في بعض الأماكن التي إن سقط منها حجر أو أتربة على سيارة عابرة قد تؤدي إلى كارثة لا تُحمد عقباها!.
حفر وجور
تلك الشكوى والملاحظات حملتها “البعث” من بعض السائقين العابرين على الطريق بشكل يومي، حيث أكد السائق نضال صاحب سيارة خاصة والتي يقصد بها طرطوس يومياً إلى دوامه أن مشروع تأهيل الطريق حيوي ويمكن أن يحقق تنمية اقتصادية واجتماعية وسياحية، لكنه غير منفذ بشكل جيد، والدليل كثرة جور المياه في بعض الأماكن، كمفرق الجراص والبيسار وبسماقة وعند حارة الوقف ومفرق بيت الراهب، رغم وجود قناة تصريف مطري لكنها مغلقة، وكذلك في منطقة ضهر حمين بعد الكازية، مشيراً إلى انهيار التربة والتي تتسبّب بإغلاق ربع الطريق، فالموسم المطري كل عام يؤثر على القميص الزفتي الذي يتطلّب معالجة الهبوط بمنسوبه، وأن يلحظ في الخطط مع بداية موسم التزفيت.
تخوف من الانهيارات
بدورهم سائقو طرطوس الدريكيش أكدوا صوابية ملاحظات السائق نضال، وأبدوا تخوفهم من انهيارات التربة والأحجار في منطقة ضهر حمين، بعد وبالقرب من مفرق شباط حتى بسماقة ومفرق البكرية، وفي منطقة بملكة، حتى آخر بيت الراهب ومناطق أخرى، مقترحين إنشاء مدرجات في الأراضي المحاذية على جانبي الطريق لتفادي أي حادثة قد تحصل في حال بقيت الصخور والأحجار والأتربة في المناطق المشار إليها على ما هي دون أي حلّ، كما أشاروا إلى سوء التنفيذ ولاسيما بالوصلة الجديدة التي تحوي منعطفات أصعب من منعطفات بملكة، وتحديداً في منتصف الطريق، إضافة للشكوى من أعمال التزفيت السيئة والتي تتمّ كل فترة ليعود الطريق ويهبط مستواه في بعض الأماكن كما في نفق البكرية، حيث يوجد هبوط بمنسوب الطريق يزداد كل عام ويؤثر على السيارات العابرة لجهة تأذي الإطارات.
حوادث مرورية
ورأى السائقون أن الأعمال لم تنتهِ بعد، فحجارة المنصف متكسرة في بعض المواقع، كما أشاروا إلى خطأ إحداث فتحات مرورية بالمنصف على طول الطريق كونها تؤدي إلى حوادث مرورية، وتحديداً بعد مفرق الشيخ سعد باتجاه الدريكيش الذي شهد عدة حوادث مرورية خلال عام واحد، مبيّنين عدم صيانة المنصف بعد حادثة الشاحنة المحملة بالحجارة والتي اصطدمت به أسفل مفرق بيت الكرم، ولفتوا إلى ضرورة تنظيف العبارات والمصارف المطرية ولاسيما عند نفق شباط، فالانهيارات بقيت شهرين لم يتمّ تعزيلها، مع ضرورة إزالة الأعشاب على الرصيف والتي تعيق مرور الأهالي، وإزالة الأعشاب النابتة والتي يصل طولها إلى نصف متر قد تغطي اللوحات الفسفورية بالمنصف ليلا وتسيء لجمالية الطريق نهاراً، مع ضرورة إزالة الأشجار المعيقة للرؤية بعد مرسحين.
لم تعالج بشكل جذري!
تلك الملاحظات والشكاوى ردّ عليها رئيس دائرة المشاريع بفرع المؤسسة العامة للمواصلات الطرقية المهندس غدير كسر في تصريح لـ”البعث” قائلاً: إن جميع الهبوطات تمّت معالجتها وتتمّ مراقبتها، وحالياً لا توجد مشكلة. وذكر أنه تمّ تنفيذ مدرجات ضمن شريحة الاستملاك المتاحة وتمّت إزالة جميع الأحجار الخطرة الظاهرة، حيث تمّ اتخاذ كافة الإجراءات قبل موسم الشتاء لتفادي أي تخريب، وضمّ صوته للسائقين وتخوفهم من انهيارات التربة في منطقة حمين، مبيناً أن المشكلة لم تعالج بشكل جذري، من قبل الشركة المنفذة والتي حاولت معالجتها لكنها لم تنجح معها ١٠٠%. وحسب قوله فإن المراقبة مستمرة للطريق، مشيراً إلى وجود تصريف مطري يغلق أحياناً نتيجة تراكم الأكياس والأوساخ، في الوقت الذي تمّ فيه إنشاء مصرف مطري في قرية مطرو، لكن عند الشدة المطرية تحصل اختناقات محدثة حفراً، ورأى أن الأرصفة شكلت ضرراً كونها تحدّ من مسار المياه.
على عاتق الشركات المنفذة
وذكر المهندس كسر أن الوصلة الجديدة تمّ تنفيذها وفق الدراسة، وأن كل المنعطفات أنجزت وفق الشروط الفنية، لكنه بيّن أنه في نهاية التحويلة يوجد منعطف كان يفترض أن يكون إنجازه بشكل أفضل، لكن مع ذلك لم يسبّب خسائر وحوادث، وعلمنا منه أنه تمّت زيادة الفتحات بالمنصف بناء على رغبة الأهالي لتخديمهم، ورأى أنها ليست مشكلة، متمنياً على الشرطة عند وقوع الحوادث –لا قدر الله- إعلام فرع المؤسسة بها ليأخذ إجراءاته بحق السائق الذي يتطلّب منه الإصلاح، واعترف أن جميع الملاحظات التي أوردها السائقون والأهالي محقة وتقع على عاتق الشركات المنفذة، حيث تمّت مخاطبتها لإصلاح ما يمكن إصلاحه، وحتى تاريخه لم نستلم العمل منها، علماً أنه يوجد سنة ضمان بعد الاستلام!.
حتى لا تقع الكارثة
يُذكر أن طريق طرطوس الدريكيش من أهم الطرق في المحافظة، كونه يصل بين الدريكيش والمدينة، كما أنه صلة وصل مع محافظتي حمص وحماة عند منطقة الدريكيش، وكانت المباشرة بتنفيذه قد بدأت عام 2017 حيث بلغت كلفة تأهيله أربعة مليارات ليرة، ومع ذلك كان المنتج سيئاً، لتبقى مطالب السائقين محقة لجهة صيانة الطريق وتعزيل المصارف المطرية، وإيجاد حلّ للأحجار والأتربة والصخور التي يهدّد سقوطها السيارات العابرة والمارة، ويبقى السؤال: هل ننتظر الكارثة حتى تقع؟!.
متابعات صاحبة الجلالة