كغالبية نساء هذا القسم من الأرض، يقع على عاتقي مهمة “إنزال الشتوي وضب الصيفي”، وبخلاف كثيرات اتفقت مع زوجي بأن يقوم كل واحد منا بضب وفرد ملابسه، كنوع من التوازن الجندري “عأساس”، وأنا إذ أشكر السماء أن زوجي لم يقم بتلك العملية، وإلا لكان “لطش” 2000 ليرة في أيام “القحط” هذه.
أمسكت “كامينو” سميك خاص لأيام البرد الشديد، خصوصاً لمن لا يمتلكون مازوتاً مدعوماً بعد “متل ذي حكايتنا”، وبدأت أنظر إليه بحب عميق، “يا مدفئتي ودفئي”، خاطبته، حتى خيّل لزوجي أني أخاطبه، فتملكه الزعر بنظرة كلها خوف، كأنما تقول لي: “ضلك جندرية وآمني بالمساواة وكل واحد يدفي حالو، متل ما كل واحد ضب غراضو لحالو”، سرعان ما بددت هواجس زوجي المسكين “الباقي على نصفه”، من هموم العمل والحياة، وأخبرته أني وجدت 2000 ليرة في جيب “الكامينو” وعيناي تشعان سعادة.
لا أعلم سبب فرحة إيجاد الـ2000 ليرة التائهة تلك، هل لأن راتبي انتهى وبدأت بعملية “الشحودة” من هنا وهناك، أم لأني اعتبرتها فأل حسن، أم لأني تذكرت أياماً كنت فيها غنية لدرجة أني نسيت 2000 ليرة نحو عام كامل؟.
لكن زوجي “أدامه الله ذخراً”، سرعان ما أفرغ حماسي “تماما متل كل مرة بتحمس لشي”، وتوجه إليّ سائلاً: “بنهاية الشتوية الماضية بتتذكري قدي كان سعر باكيت دخانك”، قلت له: “إي تقريباً 850 ليرة”، فرّد: “واليوم؟”، فقلت له وأنا مازلت بحماس اللحظة: “2800 ليرة الله لا يوفقهن”، ثم صمت وأنا مثله، تلك الـ2000 البائسة لا أستطيع بها شراء حتى باكيت دخان.
وبدأت أحسب الأسعار، كنزي الصغير الذي نسيته، لا يشتري لي اليوم حتى كيلو بطاطا، ولا يكفي أجور مواصلات يوم واحد لعملي الحكومي، ولا ولا ولا ولا ….الخ، من اللاءات التي خبرها السوريون جيداً، وأنا واحدة منهم.
سناك سوري