ساعات انقطاعنا عن مواقع التواصل الاجتماعي مساء أمس، كانت كافية لندرك مدى تغول تلك المواقع على حياتنا، ونذهب باتجاه التساؤل ماذا لو تكررت الانقطاعات مرة أخرى لوقت أطول.
جارتي انتظرت ساعات، علّها تستطيع إكمال محادثة ابنها وزوجها في الإمارات، بعد أن انقطعت نتيجة عطل فيسبوك بينما كانت تتحدث معهم عن إجراءات إتمام سفرها إليهما، بدورها “هيام” انتظرت الرد على ثلاث رسائل طلبت فيها الحصول على أرقام مشاركين ستحاورهم، لإنجاز مادة صحفية وأخذت تصل جهاز الرواتر وتفصله وترمي باللائمة على ابن أخيها بمحبة: «يبدو ياحبيب عمتك خلصت الباقة»، ضحكا معاً وهمت بشراء جريدة حتى عادت الكهرباء وعادت للتلفاز ونشرة إخبارية أفادتها بما حصل.
رغم تأكد الأخبار فإن جهازها الجوال بقي قريباً تفتحه وتعيده، تنتظر إشعارات فيسبوك والواتس أي من هذه المواقع لكن لا أمل ضحكت أخيراً واختارت الراحة لكن ماذا لو استمرت الحالة؟، ماذا لو كانت الأعطال أكثر تعقيداً وطال انتظار إصلاح الخلل؟
كل هذه الأسئلة وضعت جانباً وباشرت باقتناص فرصة الوقت الهادئ الذي حصلت عليه مع شعوب أخرى.
تخيلوا معي أن تتوقف مواقع التواصل في “سوريا” ودول أوربية، بمعنى أن هذا السوري المثقل بكل هموم الأرض تساوى مع البريطاني أو الأمريكي أو السويدي مثلاً، تخيلو أحدهم في “السويد” مثلاً يراقب هاتفه الجوال مثلي منتطراً إشعاراً جديداً هل سينتظر مثلي لا أتصور.
كل مايمكن تخيله كيف سيختار شخص في بلد متطور بدائل عن مواقع تفتح له أقنية للحديث والكلام، مجرد الكلام مع أهل وأصدقاء والأكثر أصدقاء افتراضيين، الهدف الأول فيها الحديث لغاية الحديث ونسبة بسيطة جداً قد تكون للعمل ومبررات أخرى.
هنا حاولت التفكير ببدائل كيف لهذا المثقل وهو السوري طبعاً، إشغال وقته وما الذي سيعيض عن ساعات تبدأ بـ :«كيف الحال ووين رحتوا ومع مين وأي ساعة ولوين، وشو أخبار الكهربا والبنزين»، وأحاديث ببساطة تشغل أكثر من ساعات الانقطاع التي ستجد فيها شعوب العالم فرصة لانتقاء بدائل جديدة لسماع الموسيقا والخروج والسهر أو لقاء الأصدقاء والاستغناء عن مواقع التواصل أو قضاء ساعات هادئة دون ضجيج، قد لا أحلم بها كسورية لاتجد في ساعات الليل إلا سجن أو هروب الى أضيق مساحات الأمان الممكنة وهي المنزل، خاصة مع غياب الأمان والقدرة المالية الكافية للاستمتاع بسهرة هادئة مما قد يعاش في مناطق أخرى من العالم السعيد.
وكنوع من القبول بالواقع حاولت الذهاب إلى خيار إيجابي وفق نصائح الأصدقاء خبراء التفكير الإيجابي (اليومية وعبر مواقع التواصل نفسها) لترى في هذه الساعات طيفاً بسيطاً للراحة، ففي هذه الساعات لن يسجل فيها آخر ظهور على الواتس ولن تظهر أون لاين في الماسنجر ولن تلمع دائرة خضراء بجانب اسمها على صفحة الفيس بوك، هي لم تلمس هذه الراحة منذ زمن ولم تفرح بساعات تتحرر فيها من متابعة الأصدقاء وغير الأصدقاء.
شعور عابر بالخفة جعلها تعود إلى أحد دواوين الشعر التي نسيت إكمال تصفحها، بعجقة الاتصالات والعمل وقرأت حتى منتصف الليل لكنها عند الفجر فرحت بعدة إشعارات ظهرت معلنة عودة المواقع ونهضت إلى يوم جديد.