في ظل ما يعانيه السوريين من أزمات " كهرباء وغاز ومحروقات" وإكتفاء المسؤولين الحكوميين بتعليقها على مشجب الحصار الاقتصادي والعقوبات التي هي حقيقة لم يستطيعوا إيجاد سبل للالتفاف عليها يتبادر إلى أذهان الكثيرين أفكار يعوم على سطحها تساؤلات كثيرة حول الثروات الباطنية التي اكتشفت قديما وحديثا ولم تدخل حيز الاستثمار والتي باعتراف مسؤولينا أنفسهم قادرة على تقليص حجم تلك الأزمات إن لم يكن معالجتها.
ثروة نائمة منذ أكثر من عقد من الزمن
وما يدفعنا اليوم للحديث عن تلك "الثروات النائمة" النقلة النوعية التي وصل إليها الأردن اليوم بعد قيامه منذ ثلاث سنوات باستثمار/السجيل الزيتي/ أو ما يعرف بالحجر الزيتي كمصدر لتوليد الطاقة الكهربائية بمشاركة صينية وماليزية حيث يؤمن له اليوم نحو 20 بالمئة من الطاقة /470/ ميغا أي نصف ما تنتجه سورية اليوم من حرق الغاز والفيول في الوقت الذي تعوم فيه الأخيرة /سورية/ على مليارات الأطنان من هذا الحجر الذي أعلنت وزارة النفط السورية عام 2010 عن اكتشافه وبكميات هائلة يمكن استخدامها في توليد الطاقة والنفط ومواد البناء والاسمنت.
السجيل الزيتي أحد بدائل الطاقة في سورية
صاحبة الجلالة وللوقوف على حقيقة تلك الثروة تواصلت مع مدير عام المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية سمير الأسد الذي بين أن أعمال التنقيب والاستكشاف التي قامت بها المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية كشفت وجود العديد من المواقع التي تحوي السجيل الزيتي ولاسيما في منطقة خناصر جنوب شرق حلب بمساحة /152/ كيلومترا وباحتياطي بلغ /40/ مليار طن وكذلك في وادي اليرموك ( عتمان _ اليادودة _ تل شهاب ) بمساحة 12 كيلومترا وباحتياطي /2,1/مليار طن.
وأوضح الأسد أنه ينتج عن استثمار السجيل الزيتي عند تقطيره النفط الثقيل أو الوسط ويدخل في مصافي النفط العادية وزيت السجيل والغاز الطبيعي والكبريت والآزوت وبعض المعادن النادرة كالتوريوم والفاناديوم والموليبدنيوم لافتا إلى أن مادة الامونياك كناتج ثانوي والرماد الناتج يمكن أن يصبح مادة أساسية لصناعة الاسمنت أو مادة خاصة لرصف الطرق الثانوية إضافة إلى إمكانية استخدام الرماد الفائض عن صناعة الاسمنت البورتلاندي الناجم عن الحرق لتخصيب التربة وخصوصا في مناطق البادية السورية والمناطق الصحراوية.
لماذا لم تستثمر الكميات الهائلة من السجيل لغاية الآن..؟
بين مدير عام مؤسسة الجيولوجيا أن المؤسسة قامت في عام 2011 بعد الانتهاء من دراسة جيولوجية في منطقة خناصر شملت حفر 44 بئرا استكشافيا لأعماق وصلت حتى 285 مترا بإجراء تحاليل مخبرية مختلفة بعد توريد جهاز لقياس نسبة الزيت في الصخر وقياس الطاقة الحرارية للعينات الناتجة عن الحفر وأرسلت بعض العينات إلى الصين واستونيا وأعدت دفاتر شروط تجارية وحقوقية ومالية وأعلنت عن مشروع استثمار السجيل الزيتي وراسلت عدد كبير من الشركات العالمية المهتمة والمتخصصة بالموضوع إلا أنه لم يتقدم احد للاشتراك بالإعلان المذكور.
الصين استثمرت السجيل الزيتي في الأردن.. لكن ..
ولفت الاستاذ سمير إلى أن المؤسسة العامة للجيولوجيا والثروة المعدنية طرحت المشروع كفرصة استثمارية لدى هيئة الاستثمار السورية وراسلت السفارات السورية في عدد من الدول الاجنبية لطرح المشروع للاستثمار على الدول الصديقة كما طرحته على شركات الدول الصديقة ضمن بروتوكولات التعاون الاقتصادي المشترك مع الدول الصديقة.
أين المعنيين في الحكومة من استثمار هذه الثروة؟
بما أن قيمة الفيول والغاز الذي نحرقه في أشهر لتوليد الكهرباء يعادل قيمة محطة توليد بالكامل..وبما أن المشروع ضروريا في مرحلة تتطلب استغلال أي نافذة يمكن أن تخفف أو تلتف على العقوبات .. فلماذا لم يتم استثمار هذه الثروة حتى اليوم .. وأين هي وزارتي النفط والكهرباء من هذا الأمر ولاسيما ان وزير النفط أكد الفائدة من استثمار هذه الثروة لجهة تحرير كميات الغاز التي تذهب لتوليد الكهرباء واستخدامها لغايات أخرى وتوفير آلاف فرص العمل .
هامش: السجيل الزيتي هو الغضار المنضد النفطي أو الصخر الزيتي ولكن اقتبست كلمة السجيل باللغة العربية من قوله تعالى : (( ألم ترى كيف فعل ربك بأصحاب الفيل ,ألم يجعل كيدهم في تضليل , وأرسل عليهم طيراً أبابيل ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول)) فكان السجيل حجارة مشتعلة في قصة أبرهة الحبشي عندما هاجم الكعبة المشرفة بجيش من الفيلة.. فهل يصبح سجيلنا حجارة مشتعلة نرمي بها الحصار المفروض علينا لنجعل من تلك العقوبات عصف مأكول..؟؟؟
صاحبة الجلالة