تنتشر بين الفترة والأخرى قضايا يتداولها طلاب الجامعات في سوريا “سراً” حول فساد بعض الأساتذة أو رشاوٍ تدفع هنا أو هناك أو تسريب لأسئلة أحد المقررات من دون أي دلائل أو براهين.
إلا أن هذه القضية التي بين أيدينا لا تحتاج إلى دليل أو برهان وهي باختصار عملية “توقع” معلنة لأكثر من ٧٠ سؤالاً مع أجوبتها قبل ٢٤ ساعة من الامتحان المعياري الوطني لطلاب الصيدلة الذي تم يوم السبت 27 شباط 2021.
ويبدو من خلال معلومات الطلاب التي قدموها لتلفزيون الخبر أن “أكثر من ٧٠ سؤالا من أصل 120 تم تداولها بين مجموعة من الطلاب قبل ٢٤ ساعة من الامتحان ثم تم تسريب ٣٠ سؤالا تداولها طلاب يقومون بدورة “كورس” لدى أحد المعيدين وجاءت الأسئلة والأجوبة في الامتحان مطابقة تماماً للأسئلة المسربة”.
وقال الطلاب: “تم تقديم الأسئلة قبل الامتحان بساعتين من قبل الدكتور أيمن حميد وهو معيد في كلية الصيدلة ويقوم بإعطاء كورسات في أحد المعاهد لطلاب الصيدلة بهدف تحضيرهم للامتحان الوطني”.
وبين الطلاب لتلفزيون الخير أن “الدكتور المذكور يقوم بإعطاء دورات للطلاب عبر الإنترنت مقابل رسم يصل إلى 50 ألف ليرة ثم يرسل إليهم الأسئلة المتوقعة والتي جاءت مطابقة لأسئلة الامتحان”.
وعبّر الطلاب عن استيائهم من تسريب الأسئلة قائلين: “تعب وجهد سنين يذهب هباءً لأن الطلاب الذين دفعوا أجور دورة خاصة حصلوا على الأسئلة وتفوقوا على من اعتمد على دراسته واجتهاده”.
كلام غير دقيق
ولتوضيح وجهة نظره، واجه تلفزيون الخبر الدكتور أيمن حميد بالمعلومات التي كشفها طلاب الصيدلة إلا أن حميد نفى كل تلك المعلومات مؤكداً أن “كلام الطلاب غير دقيق”.
وقال “حميد”: “أنا أعطي دورات منذ 2015 والأسئلة مجرد توقعات وهناك أسئلة كثيرة تكررت في السابق وكانت الدورة الأخيرة من أسهل الدورات وهذا الكلام غير صحيح وليس هناك أي تسريب”.
وأضاف حميد “الكورس الماضي كان لمدة شهر ويومياً أربع ساعات والدورة السابقة استمرت نحو 4 أشهر 4 ساعات يومياً، ويتم إعطاء منهاج كامل”.
وتابع “حميد” “الطلاب دائماً لديهم حساسية بموضوع العلامات، في الدورة السابقة حققت الطالبة الأولى 98% هل هذا يعني أنها حصلت على الأسئلة؟ نحن نعطي المنهاج كامل والطالبة تعبت على حالها”.
وأردف “حميد” “لست لوحدي في المعهد ولكن هناك ستاف كامل وهذا المعهد تابع لاتحاد الطلبة، وطبيعي أن يحدث حالة من الغيرة بين الطلاب لكن في الحقيقة أحياناً تصح توقعاتي ومرة تصح توقعات أستاذ مختلف”.
من جهتها، قالت إحدى الطالبات إن: “الدكتور أعطاهم 700 سؤالاً متوقعاً قبل الامتحان بـ 24 ساعة ثم أعطاهم الأسئلة المتوقعة الـ 30 قبل الامتحان بساعتين تسهيلاً لهم لأن الدورة كانت مضغوطة ولم تستمر سوى شهر وأنه لن يكرر هذه العملية لأنها سببت له وجع رأس”.
تفوق طلاب الجامعات الخاصة
تنتشر بين الأوساط العلمية نظرية تقول إن الامتحان المعياري ساعد في تفوق طلاب الجامعات الخاصة على حساب طلاب الجامعات الحكومية وبالتالي ساهم في رفع أسهم هذه الجامعات الخاصة.
وتشير الأرقام إلى أن “نسبة نجاح طلاب الجامعات الخاصة عند تطبيق الامتحان المعياري كانت تتراوح بين 8 إلى 10 % بينما ارتفعت في السنوات الأخيرة حتى تفوق طلاب الجامعات الخاصة مقارنة بطلاب الجامعات الحكومية”.
ويشير بعض المختصين إلى أن “هذا التطور في مستوى طلاب الجامعات الخاصة وتفوقهم
على طلاب الجامعات الحكومية يعود إلى الامتحان المعياري غير المهني وغير الأكاديمي”.
امتحان “مخترع” لزيادة مصداقية الجامعات الخاصة
يقول مصدر في إحدى الجامعات الحكومية لتلفزيون الخبر إن: ” اختراع الامتحان المعياري لطلاب الطب والصيدلة والعمارة عام 2010 جاء لزيادة مصداقية الجامعات الخاصة”.
وأضاف المصدر “هل يعقل أن المراتب العشرة الأولى في الطب كانوا من الجامعة السورية الخاصة وهذا الشيء الغريب لا يحدث إلا في سوريا “.
وتابع المصدر أنه “لم يتوفر امتحان وطني في الجامعات الحكومية قبل 2010، واليوم حتى المناهج مختلفة بين جامعات القطر فكيف تضع أسئلة موحدة وتعجيزية في الامتحان ولا يوجد منهاج موحد أساساً والمنهاج المشترك الحديث لا تأتي منه الأسئلة”.
تطفيش للأطباء
وبين المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه أن “الامتحان المعياري مثله مثل السنة التحضيرية وسنة الامتياز هي عبارة عن قرارات مجحفة عشوائية الغاية منها تطفيش الأطباء من البلد”.
وتابع “أصبح طالب الجامعة الخاصة يأخذ المقاعد الممتازة في الاختصاص وطالب الجامعة الحكومية خالي الوفاض أي مثل السنة التحضيرية من يضع دورات خاصة ويجلب أسئلة يتأهل”.
فهل مصادفة أن طلاب الجامعات الخاصة والذين دخلوا بمعدلات أقل بكثير من طلاب الجامعات الحكومية هم المتفوقون في الامتحان المعياري أم أنه تشجيع للجامعات الخاصة؟
شكاوى على مركز القياس والتقويم
عبر بعض الطلاب عن استغرابهم من عدم ظهور الكثير من نتائج الاعتراضات في مركز القياس والتقويم التابع لوزارة التعليم العالي، مضيفين أن “رسم الاعتراض 1500 ليرة ومن سنتين ولا نتيجة طلعت لا سلبية ولا إيجابية “.
ويشكل الامتحان المعياري عقبة أمام الطلاب الخريجين حيث لا يوجد حتى الآن منهاج موحد رغم الاختلاف بين مناهج الجامعات السورية.
يذكر أنه كان هناك العديد من الاقتراحات خلال السنوات الماضية لإلغاء الامتحان الوطني كشرط للتخرج والإبقاء عليه كامتحان معياري للقبول في الدراسات العليا فقط إلا أن شيئاً من ذلك لم ينفذ حتى الآن.