يشكلُ توقف صوت شاحن بطارية إنارة منزل “رائد السعيد”، موظف 45 عاماً من “السويداء”، إنذاراً مخيفاً نوعاً ما، كونه يشير إلى عطل أو خلل سيكلف العائلة مبلغاً قد يكون باهظاً ثمن تبديله أو إصلاحه.
الموظف الذي اضطر مثله مثل شريحة كبيرة من السوريين لشراء بطارية سيارة، كل 14 شهرا أو أقل من ذلك للاستفادة منها في إنارة المنزل خلال ساعات غياب الكهرباء، اشترى خلال العامين الماضيين بطاريتين من النوع السائل، الأولى بقيمة 70 ألف، والثانية هذا العام بقيمة 110 آلاف ليرة، مضيفاً أنها بالأصل مصممة للسيارات، إلا أنه تعلم طريقة ربطها بشبكة مؤقتة لتنير الغرف والممرات كأحد حلول مقاومة الظلام وتخفيف تكاليف الصيانة.
الإنارة ليلاً خلال أوقات قطع الكهرباء، ليست ترفاً، إنما هي ضرورية لدراسة الأبناء، يقول “السعيد”، إن البطارية رغم أنها مكلفة جداً وتحتاج تبديلها بشكل سنوي، إلا أنها أفضل الحلول ليتمكن أبنائه الثلاثة من الدراسة مساءاً.
إذا باتت الإنارة عبء مادي جديد على جيوب السوريين، خصوصاً مع زيادة فترة التقنين الكهربائي التي تصل إلى 4 ساعات ونصف قطع مقابل ساعة ونصف من التغذية، فالموظف في مديرية التربية بـ”السويداء”، “إياد الحناوي”، نجح خلال العام 2013، من شراء بطارية صناعة كورية كبيرة سائلة، باستطاعة 100 أمبير مع تجهيزاتها المتضمنة، رافع جهد وشاحن وليدات وأسلاك، دون أن يتجاوز ما دفعه الـ30 ألف ليرة وقتها، يضيف: «الله يرحم أيام زمان».
تلك المدخرة مكنّت العائلة من تشغيل التلفزيون حتى ساعة ونصف بعد شحنها، واستمرت كذلك حتى انتهاء عمرها بعد عام تقريباً، يضيف: «مع ارتفاع الأسعار لبطارية المئة أمبير من 30 إلى 49 إلى 80 ألف منذ عامين إلى 240 ألف ليرة للمدخرة هذا الشهر، حاولت أن اختصر التكلفة بشراء مدخرة باستطاعة لا تتجاوز 70 أمبير للإنارة فقط علها تكفي عشرة أشهر، وطبعاً لم يقل ثمنها عن مئة ألف علماً أنها ليست مستوردة، حصلت على ثمنها من جمعية مع زملاء العمل لأن الراتب لا يفي بثمنها ولا يمكن الاستغناء عنها».
الليدات أيضاً
ارتفاع الأسعار لم يطل فقط البطارية بل الليدات، ليتجاوز سعر المتر 7 آلاف ليرة، وفي الغالب لابد من تبديله بين عام وآخر بحسب جودة صناعته ومصادره المختلفة صيني أو محلي، وفي الحالتين التكلفة مرتفعة، وفق “وسيم صوان “25 عاماً موزع للإكسسوارت الكهربائية في المدينة.
“نهاد رشيد” 63 عاماً متقاعدة تعيش ووالدتها في منزل كبير لم تجد إلا المدخرة، بديلاً للكهرباء، ما كلفها مبالغ كبيرة لأنها تستبدل المدخرة بسعة 70 أمبير كل 14 شهراً بأخرى جديدة، تجاوزت كلفتها هذه المرة 110 آلاف، وبين فترة وأخرى تضطر لتبديل التوصيلات كون المتوافر بالأسواق لم يعد بالمواصفات الجيدة لتضيف حوالي 20 ألف ليرة، بين ليدات وأسلاك لترتفع تكلفة الإنارة بالاعتماد على مدخرة 70 أمبير، إلى 140 ألف تقسم على 14 شهرا، أي أن تكلفة الإنارة أصبحت 10 آلاف ليرة شهريا لابد منها خاصة مع مضاعفة ساعات التقنين كما حدث هذا الشتاء.
لا ترموا البطارية القديمة
تبدأ تكلفة البطاريات من 50 ألف ليرة، للصغيرة منها وتنفع للدراجة وتكفي لإنارة ساعتين، كما يقول “وليد ريدان” 38 عاماً صاحب متجر خاص ببيع أدوات الإنارة والبطاريات في المنطقة الصناعية بالسويداء، أما بطارية السيارات وهي المطلوبة أكثر للمنازل تبدأ من 70 أمبير تكفي لحوالي 5 ساعات إنارة متوسطة، والمئة أمبير تكفي 7 ساعات إنارة جيدة لعدة غرف، يضاف لثمنها البالغ 225 ألف إذا كانت صناعة محلية، سعر الشاحن الذي يصل الى 38 ألف ليرة للمئة أمبير، وحتى السبعين ألف تقريباً في حين يبلغ ثمن شاحن بطارية الدراجة 22 ألف، وطبعا كلها مكلفة خاصة مع الارتفاع الدائم بالسعر.
البطارية مع الشاحن والتجهيزات موجودة في كل المنازل
ينصح “ريدان” الزبائن بعدم رمي البطارية القديمة لأنه يمكن استبدالها، يضيف: «خلال السنوات الخمس الفائتة كان الإقبال كبيراً على المدخرات بكل أنواعها لغاية الإنارة، لكن هذا الشتاء انخفض الطلب نتيجة ارتفاع الأسعار، لذا نحاول تشجيع الزبائن لبيع المدخرات القديمة، حيث نزن الرصاص فيها والتي لا يقل ثمنها عن 15 ألف ليرة تساعده في الحصول على بعض الأسلاك، وتخفيف السعر خاصة أن البطاريات باتت عبئاً ثقيلاً على جيوب الموظفين».
وعن الطريقة المثلى لإطالة عمر البطارية، يقول “ريدان”، إن الأهم إضافة الماء المقطر حين ينخفض عن الخط المحدد، يضيف: «يجب أن تعمل البطارية حتى نفاذ كامل الشحن وإلا فإنها تتعرض للتلف في حال شُحنت وهي ممتلئة».
يذكر أن وجود البطارية بات مثل أي قطعة منزلية، أخرى كالغاز والبراد والغسالة، لكن مع الغلاء بات حجمها يصغر مع زيادة مستمرة بالسعر، وبات الغالبية يستعيضون عن البطاريات الكبيرة، بأخرى صغيرة لإنارة غرفة واحدة على الأقل بما يتناسب وإمكاناتهم المادية.
سناك سوري