لم يعد مقبولاً اليوم التهاون في تطبيق الإجراءات الصحية الاحترازية لمواجهة فيروس كورونا بعد الاهتمام الكبير الذي أولته الجهات المعنية ليأتي السؤال الملح: هل قام المواطن بالالتزام بالتعليمات والتقيّد بها وسط تزايد عدد الإصابات والوفيات، ومن بينهم الأطباء “شهداء الواجب” أثناء تصديهم للجائحة ومعالجة الإصابات؟ ليؤكد مدير مدرسة ثانوية للبنات في حي وادي الذهب أن المشكلة مشتركة بين المدارس، وتتلخّص بالكثافة العددية للطلاب. وأضاف: نحتاج لبناء ملحق لتخفيف الازدحام أو تزويد الحي بثانوية جديدة، فحي كبير كهذا الحي لا يمكن تغطيته بثلاث مدارس كما هو واقع الحال، لافتاً إلى وجود 900 طالبة و23 شعبة صفية بالمدرسة، ما يجعل التباعد المكاني صعب التحقق.
بدورها مدرّسة في الحلقة الثانية أُصيبت وشُفيت بعد الإصابة، أوضحت أنها اكتشفت إصابتها بالمصادفة أثناء مراجعة الصحة المدرسية بسبب الإرهاق، مشيرة إلى نقطة سلبية تتعلق بالأهالي الذين يرفضون إجراء مسحة لأبنائهم لدى ظهور أعراض مرضية، معتبرين أنها نزلة برد موسمية. بينما لفتت مرشدة صحية بمدرسة حلقة أولى إلى أن المتابعة تبدأ مبكراً بالتأكد من نظافة القاعات الدراسية والحمامات، ومتابعة الطلاب للكشف عن أية أعراض محتملة وإحالتها للصحة المدرسية لاتخاذ الإجراء اللازم.
بدوره أشار رئيس دائرة الصحة المدرسية في حمص د. غياث عباس إلى أن الجائحة أصبحت واقعاً، وأن الاستهتار واللامبالاة وعدم المسؤولية من قبل المواطن هو سيد الموقف، وأضاف أنه خلال فصل الخريف والشتاء تزداد نزلات البرد والرشح والأنفلونزا القريبة من أعراض كورونا، ومن الصعب سريرياً التمييز بينهما مما يتطلّب فحوصات مخبرية مكلفة جداً، وهذا الأمر متعذّر بسبب عدم توفر الإمكانيات والمواد اللازمة لإجراء مسحات لكل من يشتبه بإصابته، فهناك جهاز واحد في محافظة حمص لدى مديرية الصحة، وفي حال ثبوت إصابة أي مدرّس من خلال المسحة يتمّ منحه استراحة لمدة 14 يوماً لتنفيذ الحجز المنزلي، وقد استجابت المديرية لكافة البلاغات الواردة من المدارس بخصوص الاشتباه بأية إصابة من خلال إرسال كادر طبي للتحقق والتأكد.
وأوضح د. عباس أنه لم يتمّ إغلاق أية مدرسة في حمص ريفاً ومدينة، بل تمّ إغلاق بعض الشُعب الدراسية لوجود إصابة واحدة والعودة بعد انتهاء فترة الحجر، لكن ونتيجة لقلّة الوعي عند بعض الأهالي وانتشار الشائعات عبر منصات التواصل الاجتماعي والخوف العام من الجائحة، كان هناك في بعض الحالات نسبة غياب كبيرة عن المدارس.
وحول الواقع الصحي في مدارس المحافظة، أكد عباس وجود أكثر من 35 ألف مدرّس، وقد خسر الكادر التعليمي أربعة معلمين، مشيراً إلى أن حالة الإصابات التي سُجّلت بين المعلمين واحتاجت رعاية صحية خاصة لا تتجاوز أصابع اليد، وباقي الحالات قامت بالحجر الذاتي بالمنزل وعادت للعمل بشكل طبيعي، وأن أغلب حالات الإصابة عند المعلمين متوسطة، حيث تمّ الشفاء دون الحاجة لرعاية طبية مختصة، وبالنسبة للطلاب لم نسمع بدخول أحد للمشفى، وإنما كانت حالات خفيفة تعالج منزلياً، دون الحاجة لمراجعة المشافي، ولم تسجل ولا أية حالة وفاة بين الطلبة.
وأكد رئيس دائرة الصحة المدرسية على تطبيق كافة بنود البروتوكول الصحي من تعقيم وتباعد مكاني ووجود مشرف صحي بكل مدرسة لمتابعة الواقع الصحي والبيئي والفيزيائي للمكان، ويتمّ معالجة الحالات بشكل فوري، لافتاً لتوزيع الدفعة الثانية من المعقمات والمواد الضرورية منذ شهر تقريباً على المدارس، وسيتمّ التوزيع كلما اقتضت الحاجة، وأنه تمّ توزيع الماسحات الحرارية على كافة مدارس المحافظة ريفاً ومدينة.
البعث