صدمة أخرى تتلقاها الليرة والاقتصاد السوري في الأمس الثلاثاء الموافق ل 22 من كانون الأول، حيث شددت الولايات المتحدة من عقوباتها الهادفة لقطع التمويل عن الحكومة وعزلها اقتصادياً عن دول العالم، وكان مصرف سورية المركزي هذه المرة أحد الأهداف المباشرة لهذه العقوبات.
ويرى خبراءٌ ومراقبون، أن الولايات المتحدة تشير وبقوة في حزمتها الجديدة من العقوبات إلى أنها وإن أجّلت الملف السوري فهي لن تنساه حتى تفرض أجندتها الخاصة وتخرج بما يرضيها، حيث بات من البديهي أن ساحة الصراع في سورية أصبحت ساحة صراع دولية بالوكالة. والولايات المتحدة، سواءً اعترفنا بذلك أم لا تمتلك القوة الكافية للتأثير ولن تتردد باستعمالها.
بالاستناد لما ذُكر أعلاه، هل تنتظر الليرة السورية انهياراً آخر؟
حتى تصل الفكرة بشكل أوضح يجب علينا الإجابة على هذا السؤال في قسمين، نتحدث في أولهما عن المدى القريب، ونخصص القسم الثاني من الإجابة للمدى المتوسط والبعيد.
أولاً: على المدى القريب، من المبكر قليلاً التحدث عن انهيار بكل معنى الكلمة ناتج عن العقوبات الأمريكية بشكل مباشر، فالتراجع الكبير الذي أصاب الليرة خلال اليوم ليتجاوز سعر صرف الدولار 2900 ليرة، إنما هو ناتج – وعلى الأغلب – عن الخوف والترقب الذي جلبته العقوبات معها أكثر من كونه ناتجاً عن تأثير العقوبات بحد ذاتها. حيث يستذكر الجميع أيام قيصر قبل أشهر مضت، وتتشكل في ذهنهم صورة لانهيار آخر مشابه فيجرهم الهلع إلى طلب أكبر للدولار.
ثانياً: على المدى المتوسط والبعيد، الإجابة نعم، الليرة تنتظر المزيد من التدهور والانهيار في حال استمرت الظروف على ماهي عليه مع فرض مزيد من العقوبات والتضييق، وهو أمر بديهي يمكننا استنتاجه بدون الكثير من التحليلات والدراسات، والعقوبات الحالية قد يظهر تأثيرها تباعاً على المدى المتوسط وهذا يعني عودة شبح ال 3000 ليرة للدولار الواحد إلى الساحة مجدداً إذا استمرت وتيرة الأحداث على ما هي عليه.
لذلك فإن استمرار العقوبات وعدم الوصول إلى حل مع القوى الكبرى الداخلة في الصراع السوري سيقود بشكل أو بآخر إلى مزيد من النزيف في قيمة الليرة، خصوصاً بعد المشاكل والأزمات العديدة التي حلت بمختلف حلفاء الحكومة، مما جعل الوقوف في وجه الولايات المتحدة ضد عقوباتها العديدة أمراً غاية في الصعوبة، فدعم الحكومة السورية شيء والوقوف ضد أكبر اقتصاد في العالم شيء آخر تماماً.
وهذا يعني أن مشكلة الليرة تمتلك بعد سياسي كبير منفصل عن المشاكل الاقتصادية الناتجة عن الحرب أو الفساد أو الركود الاقتصادي.