تزاحمت الشائعات حول زيادة الرواتب مؤخراً بين من يؤكد قربها ومن يستبعد ذلك، دون أي تصريح رسمي واضح بهذا الخصوص، في الوقت نفسه تتفاوت الآراء حول جدوى هذه الزيادة ومقدارها في ظل الظروف المعيشية الصعبة التي يعيشها السوريون.
يرى الباحث الاقتصادي “بشار الحجلي” أننا في “سوريا” بحاجة كبيرة لزيادة الرواتب والأجور للخروج من النفق المظلم الذي تسبب به الفارق الكبير بين الأسعار في الأسواق ودخل الأسرة السورية بشكل عام، لكننا بحاجة بالمقابل لزيادة عجلة الإنتاج وأن نبني اقتصاد أزمة حقيقي قادر على المواجهة.
“الحجلي” وفي تصريح نقله موقع سناك سوري قال:«أنه من غير المعقول أن أرى في البلاد كل هذه السيارات الفارهة في حين المواطن يصعب عليه إيجاد وسائل النقل الجماعية الكافية»، مشيراً إلى أن الأهم تعاون جهاز الدولة مع الشعب من أجل قمع التهريب ومنع التجاوزات».
ويضيف:«من هذا المنطلق أعتقد أن هناك جدوى لزيادة الرواتب لكن أن نقول زيادة رواتب لمجرد الزيادة أعتقد وأجزم أن حيتان السوق سيمتصونها قبل إطلاقها بكثير».
الظروف الاقتصادية الصعبة و تدني مستوى سعر صرف الليرة السورية أمام بقية العملات والارتفاع الجنوني لأسعار كثير من المواد وعدم وجود ضوابط للسوق السورية مجموعة عوامل أدت بدورها لفوارق كبيرة بين مستوى الدخل ومستوى الإنفاق حسب “الحجلي” وهذا يبرر الحاجة الملحة لزيادة الأجور لكن حسب الإمكانيات المتاحة حتى لا نكون خياليين فعلينا أن نأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي الذي تمر به البلاد والتطورات الجديدة التي طرأت بعد قانون قيصر وتداعيات الحصار الاقتصادي الكبير، إضافة إلى الفوضى وعدم ضبط الأسواق وانتشار المضاربين و الفساد الموجود في أسواقنا.
زيادة الرواتب والأجور تحتاج لأرقام ليست قليلة على الإطلاق لأن حاجة أسرة سورية مؤلفة من خمسة أشخاص مثلاً تصل إلى 250 ألف ليرة سورية شهرياً على الأقل لتتمكن من العيش أي أنه يجب مضاعفة الراتب والأجر المقطوع في “سوريا” من خمس إلى ست أضعاف عملياً أي الموظف الذي راتبه خمسين ألف يجب أن يكون راتبه وسطياً 250 -300 ألف ليرة سورية.
مشاكل أخرى تواجه زيادة الرواتب يوضحها “الحجلي”:«عندما نطالب بزيادة الرواتب والأجور علينا أن نحصي عدد العاملين في سوريا في القطاعين العام والخاص والذي يصل لحوالي مليوني عامل أو أكثر وبقية الشعب السوري غير الموظفين من يعملون باليومية وغيرهم، إضافة لضرورة التفكير بالقدرة على إلزام القطاع الخاص بالزيادة وسط حالة البطء الشديد بعجلة الإنتاج في “سوريا” بشكل عام فالجميع يشتكي من الضغوط والقلة وهناك من يسّرح العمال ويقلل من حوافزهم».
وأضاف:«لكي نكون واقعيين عندما نطالب بزيادة أجور نحن لانريد أن نشكل عبئاً على خزينة الدولة إضافة للأعباء الكبيرة الموجودة عليها نريد تصويب حالة الإنتاجية في القطاعين الرزاعي والصناعي كي تؤمن زيادة الرواتب وهذا يحتاج إلى وقت، من جهة أخرى يجب أن ندفع المواطن للبحث عن وسائل جديدة للإنتاج سواء بالمشروعات الصغيرة أو المتوسطة ونقدم التسهيلات للوصول إلى ذلك»، لافتاً إلى ضرورة أن تقوم الدولة ضمن مالديها من أموال في المصارف والبنوك العامة والخاصة بتمويل تلك المشروعات بالمنطق، فليس معقولاً أن تطرح قروض عقارية كبيرة جداً وقسطها الشهري يحتاج لراتب الموظف لمدة شهرين أو ثلاثة !! لمن توجه هذه القروض وهذا الدعم؟!.
“الحجلي” أشار إلى ضرورة ضبط التهرب الضربيبي في “سوريا” بكل القطاعات فهذا من شأنه أن يعيد إلى خزينة الدولة أموالها، إضافة إلى العمل على وقف تهريب العملات و ضبط عمل شركات الصرافة والتحويلات المالية الموجودة في البلد، مضيفاً :«بلا شك نحن بحاجة أن تكون بلدنا جميلة ولكن بحاجة أن يأكل شعبنا وأن يرتاح، عدا أنه لايجوز في الخطط الاستثمارية خاصة في نهاية العام، أن يتم انفاق مئات الملايين والمليارات على قشط الشوارع وتعبيدها مثلاً بدلاً من الانفاق على دعم الزراعة».
يذكر أن البيان الحكومي الذي تقدمت به حكومة “حسين عرنوس” أمام مجلس الشعب مؤخراً بين أن الحكومة تضع في سلم أولوياتها بحث الوسائل المفضية المتعلقة بزيادة الدخول ومنها أجور وحوافز العاملين في الدولة وفق الإمكانات المتاحة، وإعادة هيكلة الرواتب والأجور وربطها بالمراتب الوظيفية، فهل ستكون الزيادة على مستوى طموحات المواطن الغارق في الديون والباحث عن قروض الحكومة وهباتها؟