تشهد الأجور الطبية ارتفاعاً في معظمِ المحافظاتِ السوريّة، إلا أن العاصمة السورية دمشق تتصدر القائمة بأعلى الأجور، حيث إرتفعت أجور الأطباء لنحو خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل الأزمة.
وإذا كان الأطباء محقّين بقولهم بعدم تناسب التسعيرة الطبية التي حددتها وزارة الصحة مع ارتفاع الأسعار الذي طال كل شيء، والذي دفعهم لطلب أجور معاينة لا يحتملها المواطن، خاصةً في هذه الظروف الاقتصادية التي تعيشها البلاد، والتي جعلت نحو 90% من السوريين تحت خط الفقر، فإن المريض بالمقابل، يلوم هؤلاء الأطباء على الرفع المستمر للمعاينة، وخاصةً في ظل انتشار فيروس كورونا، وما أدى إليه من امتناع العديد من المستشفيات عن استقبال المرضى (غير المصابين بكورونا)، حتى تحول الأمر - كما يقولون- إلى استغلال واضح لظروف قاهرة، وهو ما بات يثقل كاهل الشريحة الأكبر من السوريين.
الاستشارة الطبية تحتاج ميزانية ...
تقول شادية، (مهندسة معمارية) لوكالة أنباء آسيا، إن الاستشارة الطبية باتت تتطلب ميزانية في ظل رفع الأطباء أجورهم لنحو خمسة أضعاف ما كانت عليه قبل الأزمة، مبينةً أن كلفة معاينة طبيب الصدرية لوالدها المريض وصلت إلى 15 ألف ليرة سورية، كذلك الأمر بالنسبة لطبيبة أطفالها التي وكلما ارتفع الدولار ترفع أجرها حتى وصل اليوم إلى 20 ألفَ ليرة. ترفع شادية يديها للسماء بدعوة يرددها كثيرون غيرها هذه الأيام: "إلنا الله بيغنينا عن علاجهم".
مشكلة استغلال وضع الوباء، وعدم استقبال المستشفيات للمرضى تحت هذه الذريعة، واجهها المخرج السوري زهير قنوع، إذ أكد في منشور على صفحته على "فيسبوك" أن طبيباً تقاضى 24 ألف ليرة سورية لقاء معاينة زوجته لمدة عشر دقائق ( ما يعادل نصف قيمة الراتب لموظف حكومي)، وهو ما اضطره إلى تقديم شكوى لنقابة الأطباء في دمشق، لتبين له أن الشكوى وضعت في الأرشيف دون الاطلاع عليها أو السؤال عنها، رغم تأكيد الديوان له أن المبلغ المدفوع مخالف لتعريفة وزارة الصحة السورية.
وزارة المالية هي السبب ...
من جانبه يرى الطبيب أحمد عبيدو (اختصاصي داخلية) بحسب ما نشرته "وكالة آسيا للأنباء" أن أجور الأطباء المحددة وزارياً ليست مقبولة ضمن الظروف المعيشية والاقتصادية السيئة، مضيفاً أن جميع المهنِ زادت أجورها بحسب متطلبات المعيشة إلا الطب، رغم معرفتنا إن الطبيب يعرض نفسه وعائلته لخطر الإصابة بالفيروس ، ورغم كل ذلك ما تزال المعاينة على حالِها منذ أعوام، ما يجعل الطبيب أمام خيارين: إما رفعها ليستطيع العيش وسط الغلاء في بلده، أو الهجرة.
"تسعيرة وزارة الصحة لا يمكن أن تغطي الأعمال الطبية الحديثة، وهناك بعض الأنواع الطبية غير مسعرة كالجراحات التنظيرية والأشعة، وهذا ما سبّب فوضى في تسعيرة الأطباء" كما يؤكد أمين سر نقابة الأطباء، الدكتور آصف الشاهر، مبيناً في تصريحات لوكالة أنباء آسيا، أن الأطباء ليسوا هم من رفعوا سعر الكشفيات مؤخراً، وإنما وزارة المالية هي السبب في ذلك، حيث زادت ضريبة الدخل بمقدار 10 أضعاف، ولكل طبيب يوجد ضريبة دخل تحدد على أساس عدد الكشفيات، وقد تم رفعها بنسبة كبيرة.
التسعيرة الجديدة لم تصدر ...
وأوضح د. الشاهر أنه بالإضافة إلى ضريبة الدخل، فإن فواتير الكهرباء والماء في العيادات تصنف ضمن التجارية، إضافةً إلى رسوم البلدية، وهذا يعني أن الكشفية يجب أن ترتفع 15 ضعفاً، لافتاً إلى أن صعوبات الحياة وارتفاع الأسعار ينعكس أيضاً على الأطباء كباقي المواطنين.
ولفت إلى أن نقابة الأطباء قدمت اقتراحات من خلال المؤتمرات واللجان المشتركة مع وزارة الصحة، لتكون أجرة الاستشاري 10,000-15,000 ليرة سورية، بحيث تصادق وزارة الصحة على التسعيرة، لكن لم يصدر شيء بعد.
وطالب الشاهر بإنصاف الطبيب الذي درس نحو 12 سنة وأنفق الكثير، وبدأ حياته الإنتاجية بسن الـ 35 وهو مطالب بإنفاق الكثير، منوهاً إلى أن الكثير من الأطباء فيما لو أتيحت لهم فرصة الهجرة فلن يترددوا للحظة.
دمشق الأعلى بالأجور...
وتشهد الأجور الطبية ارتفاعاً في معظمِ المحافظاتِ السوريّة، إلا أن العاصمة السورية دمشق تتصدر القائمة بأعلى الأجور، حيث تتراوح التسعيرة في حمص أو الساحل السوري ما بين 2000– 4500 ليرة، في حين تصل في العاصمة إلى 15 ألف ليرة حسب اختصاص الطبيب وشهرته.
بالمقابل لا علاقة لنقابة الأطباء في التسعيرة، بل وزارة الصحة السورية هي التي حددت التسعيرةَ المهنية وفق القرار المعدل والصادر عام 2004، والتي حددت تسعيرة الطبيب العام بين 1000 – 1500 ليرة سورية، في حين حددت تسعيرة الطبيب المختص بين 2000 – 5000 ليرة سورية، ويختلف من طبيب إلى أخر بحسب قدم السنوات، لكن هذه التسعيرة عفا عليها الزمن كما يؤكد أطباء، وكما يقول مواطنون باتوا يدفعون خمسة أضعافها اليوم.