تُسجل الأسواق السورية المزيد من علامات الأستفهام في كيفية تحديد الأسعار وهامش الربح، اليوم نرصد في تقريرنا هذا سعر مادة الرز المستورد في سوريh مقارنة مع إيران ومصر ، متضمناً تكاليف الاستيراد الأساسية كواحدة من أهم الحبوب المستوردة في البلدان الثلاثة، حيث المقارنة مع إيران توضّح حقيقة أثر العقوبات بينما المقارنة مع مصر تفيد في مقارنة هوامش الربح فوق التكلفة.
حيث ترتفع أسعار السلع المستوردة الأساسية في سوريh بمعدلات قياسية، إذا ما تمت مقارنتها مع الكلف وأسعار الاستيراد العالمية... البعض يقول إن كلف العقوبات هي السبب، ولكن بعض المقارنات مع الأسعار في إيران (التي تعاني من عقوبات توصف بأنها الأشد عالمياً) تُطرح تساؤلات إن كانت فعلاً العقوبات هي السبب فعلياً، وما هو سبب نسب الربح الاستثنائية السورية في الاستيراد؟
سعر الرز متقارب في الدول الثلاث
وبحسب تقرير نشرته صحيفة "قاسيون" السورية، إن أسعار الرز المستورد في الأسواق المحلية للدول الثلاث سجلت مستويات وسطية متقاربة في شهر حزيران 2020 وأتت كالتالي:
السعر الوسطي في سورية كان 0,9 دولار تقريباً، وحوالي 2000 ل.س وسطي مبيع لسعر الرز الحر في السوق، الذي تراوحت أسعاره بين 1700 وليرة للكيلو صولاً إلى أعلى من 2200 ليرة. (سيتم اتخاذ سعر دولار السوق للقياس والذي تسعّر على أساسه كل المواد في السوق السورية).
بينما السعر الوسطي في إيران بلغ 0,8 دولار تقريباً، وحوالي 16500 تومان إيراني حيث سجّل ارتفاعاً قياسياً مع انخفاض قيمة العملة الإيرانية في حينها، لتصل إلى 20 ألف تومان مقابل الدولار. مع العلم أن إيران تنتج جزءاً هاماً من استهلاكها للرز ولكن سعر الرز المحلي يفوق 1 دولار للكغ وأعلى من سعر المستورد.
أما في مصر فإن السعر الوسطي بلغ 1,1 دولار تقريباً، وحوالي 18 جنيه مصري، وذلك للرز المستورد الذي تراوحت أسعاره بين 10-26 جنيه. مع العلم أن مصر أيضاً تنتج الجزء الأكبر من استهلاكها من الرز وتبيع على البطاقة التموينية كما في سورية رزاً بسعر 8 جنيه للكيلو، حيث سعر الرز المحلي أقل من نصف سعر المستورد.
ومقابل هذه الأسعار المتقاربة بين البلدان الثلاثة فإن الكلف متباينة إلى حد بعيد...
كلف الاستيراد والتعرفة الجمركية
تختلف أسعار طن الرز المستورد بحسب منشئه وجودته اختلافات هامة، ولكن تتيح بيانات مركز التجارة الدولي ict بيانات عن أسعار الاستيراد الوسطية ما يسمح بتقدير الكلفة المختلفة لسورية ولمصر ولإيران. وسيتم أخذ بيانات عام 2019 كونها آخر البيانات المتوفرة، إضافة إلى أن أسعار الغذائيات والرز لم ترتفع منذ العام الماضي بل مالت للانخفاض عالمياً.
تستورد سورية أنخاباً من الرز أقل جودة وسعراً من الأنواع المستوردة إلى كل من إيران ومصر. وعلى الرغم من أن الهند والصين هي الوجهات الأساسية لاستيراد الدول الثلاث، إلا أن المستوردين السوريين استوردوا رزاً بسعر وسطي 611 دولار للطن. بينما سعر الاستيراد الوسطي في إيران 1039 دولار للطن، بينما في مصر 1045 دولار. أي أن كلفة استيراد الطن الوسطية إلى سورية أقل منها إلى مصر وإيران بما يعادل 40% تقريباً!
كما تختلف التعرفة الجمركية في كل من الدول الثلاث على استيراد الرز، فبينما يعفى استيراد الرز في مصر من أية تعرفة جمركية، فإن التعرفة في سورية تقارب 1% للطن، وبالمقابل، تصل التعرفة في إيران إلى 10% وذلك بعد تخفيضها خلال السنوات الماضية من 36% إلى 26% ثم إلى 10% (حيث تعتمد إيران سياسة حماية ودعم لزراعة الرز، بينما تسمح مصر لشركات الرز بشراء رز المزارعين بسعر أقل من 500 دولار للطن تقريباً).
عملياً، وبالمقارنة، فإن الكلف الأساسية للاستيراد والتعرفة الجمركية في كل من البلدان الثلاثة أتت على الشكل التالي:
إيران التكلفة 1,14 دولار والبيع أقل من الكلفة!
1,14 دولار للكغ، مقدار التكلفة الوسطية للرز المستورد في إيران، وهي أعلى من سعر الرز المستورد المباع محلياً في شهر حزيران 2020 ما يعني: أن الكثير من مستوردي الرز اضطروا للبيع في هذا الشهر بسعر أقل من التكلفة! رغم أن هذا الشهر شهد ارتفاعاً غير مسبوق في الأسعار المحلية نتيجة انهيار سعر التومان الإيراني.
ولكن الدلالة الأهم، أنه في إيران لا تؤثر العقوبات على سعر المستوردات، ولا توجد كلف إضافية تحمّل على السعر بذريعة العقوبات... بل على العكس يمكن للسلع المستوردة أن تباع بأقل من التكلفة وسطياً حتى في لحظة انهيار العملة، التي شكلت لحظة خسارة للجميع سواء المستوردين أو المستهلكين في إيران.
مصر التكلفة 1 دولار والربح 10% وسطياً
1 دولار للكغ مقدار التكلفة الوسطية للرز المستورد في مصر، أي أن السعر المحلي الوسطي للبيع في شهر حزيران 2020 أعلى من التكلفة بنسبة 10% تقريباً، وهو يحقق هامش ربح بما يقارب 3 جنيه في الكغ تقريباً. ويعتبر معدل ربح مرتفع في قطاع استيراد الغذائيات، ويعطي دلالة على هامش ربح المستوردين في سوق واسعة ومحررة ومعفاة جمركياً، إذ لم يتعدّ هامش الربح الوسطي فوق التكلفة 10% وذلك لأنواع الرز مرتفعة الجودة والثمن، والتي لا تعتبر في إطار الاستهلاك الشعبي.
فمصر تنتج رزاً محلياً يغطي معظم الاستهلاك، وتبيع الدولة جزءاً منه عبر البطاقة التموينية كما الحال في سورية بسعر 8 جنيه، أي أقل من وسطي المستورد بـ 10 جنيهات...
والمثال المصري يوضح أن 10% فوق تكلفة الاستيراد في مصر كافية لربح المستوردين وما تبقى من تكاليف هامشية...
سورية التكلفة 0,62 دولار والربح 45% فوق التكلفة!
0,62 دولار للكغ في سورية، هي التكلفة الوسطية لاستيراد وجمارك الرز الواصل إلى سورية، أي أن السعر المحلي أعلى من التكلفة بنسبة 45% تقريباً! ويوجد هامش ربح بما يقارب 640 ليرة في كل كيلو غرام وسطياً...
إن التسعير بمعدل 45% إضافية فوق تكلفة الاستيراد والجمارك هو معدل مرتفع جداً، وهي تكاليف تحتاج إلى تفسير... فهل تفسرها العقوبات؟ المثال الإيراني ينفي ذلك، فها هي إيران التي تطبق عليها أقصى عقوبات دولية، يبيع مستوردوها عند حدود تكلفة الاستيراد الدولية عموماً، بل أقل منها في الحالات الاستثنائية كما في شهر حزيران. أما أسعار مصر فتشير إلى أن الأسعار في سوق محررة قد ترتفع نسبة 10% عن التكلفة ولا تصل إلى 45%...
هل المشكلة سعر دولار؟ إذا كان هذا الارتفاع هو كلفة الدولار فإن دولار الاستيراد يسعّر عملياً على أساس 3200 ليرة، وهو أعلى من سعر السوق بكثير!
إنّ هذه الـ 45% في الرز توجد نسب أعلى منها في المواد الأخرى، وتحديداً في الغذائيات، وهي بالفعل نسبة خارج قوانين العقوبات والسوق والمضاربة على الدولار، فما هي القوانين الخاصة التي ترفع الكلف والأسعار المحلية إلى هذا الحد؟! وأين تذهب هذه المليارات؟!
المصدر: صحيفة قاسيون السورية