وصلت أسعار اللحوم في دمشق إلى أرقام فلكية قياساً بدخل المواطن العادي أو الموظف الحكومي، وهو ما جعل من وجودها على مائدة السوري أمر شبه مستحيل.
فحسب النشرة التي أصدرتها مديرية التجارة وحماية المستهلك في دمشق وجمعية اللحامين، بلغ سعر كيلو هبرة الغنم 9500 ليرة سورية، وكيلو هبرة العجل 9 آلاف ليرة وهو ما يعادل أجر موظف متوسط لخمسة أيام.
ولم يقتصر الارتفاع على اللحوم ومشتقاتها الحيوانية، والذي فرض غيابها القسري عن موائد السوريين أن يكونوا نباتيين بالإكراه، بل طال كل السلع الغذائية الأساسية، ومنها الخضار والفاكهة والحبوب.
فبحسب تسعيرة تموين دمشق، وصل سعر البندورة إلى 275 والبطاطا إلى 250، والبصل بين 250 لـ400، الخيار والكوسا 350، الباذنجان بين 200 لـ275، والبطيخ بحوالي 250 ليرة سورية، الفروج الحي الكيلو بـ 3500، وفي الأسواق العادية لا يمكن التنبؤ بالمبلغ المضاف على الأسعار الحقيقية.
سعر الصرف
“الأخضر يشتعل” عبارةٌ يتداولها باعة دمشق منذ أن ناطح الدولار حاجز الـ2000 ليرةً في السوق السوداء، فتحوّل الدولار، الذي يعرف بـ”الأخضر” إلى مفترسٍ فأكل الليرة والسوق معاً.
وبدا التأثير الجليّ لارتفاع سعر الدولار على الأسواق مباشرةً، فقد ارتفعت خلال الأشهر الأربعة الأخيرة أسعار السلع والمواد الغذائية بنسبة 200% دفعة واحدة، ويختلف سعر السلعة الواحدة بين سوقٍ وآخر، حسب درجة “التأثير النفسي” في الأسواق.
ويؤكّد بعض التجار أن ارتفاع الأسعار سببه ارتفاع سعر الصرف، وارتفاع أجور شحن البضائع، وارتفاع سعر المازوت ويلقون السبب في كلّ ذلك على الحكومة التي أسهمت في رفع أسعار كل هذه المواد، إضافةً إلى تأثيرات الأزمة في السوق.
الفساد
لحم فاسد، طحين مغشوش، أغذية أطفال ملوثة، وضبوط كثيرة لمخالفة رفع السعر والاحتكار، لا يكاد يمر أسبوع دون أخبار عدة عن اكتشاف أو مصادرة أغذية منتهية الصلاحية في الأسواق، فماذا تبقى لمائدة السوريين؟
وصل الفساد والغلاء لمائدة السوريين وأصبحا معاً مرضاً مستعصياً ينتشر في الأسواق ويطال معظم المواد الغذائية وغير الغذائية في آن معاً.
فمثلاً، بتاريخ الـ20 من آب، نظمت حماية المستهلك 137 ضبطا تموينيا في دمشق بمخالفات عدة، وفي ريف دمشق أكثر من 35 ضبطا تموينيا في الفترة نفسها تقريباً، وقبلها بيوم 87 ضبط، وقبلها بيومين 48 ضبط والأرقام تكثر.
هذه الأسباب مجتمعة اعتاد السوريون على سماعها منذ 10 سنوات، متوقعين أن يأتي اليوم الذي يحمل معه حلول لتلك المشاكل لكن العكس تماماً هو ما يحصل، فبعد كل ارتفاع نعتقد أنه الارتفاع الأخير، يعصف بالأسواق ارتفاع آخر.
وإن كانت الطبقة الوسطى قد غيرت الكثير من عاداتها ومن نمطها الغذائي من خلال التقشف وشد الأحزمة في السنوات الماضية، فإن الشرائح الأدنى، والتي تمثل القطاع الأوسع من الناس، باتت تعيش هاجس يومي يتمثل في عجزها عن تأمين وجباتها الثلاتتتث.
تلفزيون الخبر