بينت مصادر في سوق القطع أن وصول السعر إلى مستويات مرتفعة جدا في السوق السوداء هو وهميّ قولاً واحداً، بدليل أنه لا يوجد أية عمليات بيع وشراء بهذا السعر، وإن كانت هناك أية حركة من هذا القبيل فإنها نادرة جداً وسببها حالة الهلع النفسي الموجودة لدى البعض بغية الحفاظ على مدّخراتهم، مؤكدين أن من اشترى دولاراً واحداً خلال هذه الفترة خاسر!
وفي السياق، يطالب عدد من التجار بضرورة تثبيت سعر الصرف، حتى يتسنى لهم ممارسة نشاطهم التجاري على أكمل وجه، مؤكدين أن سعر الصرف بالسوق السوداء هو بالفعل وهمي، إذ إن الصراف الذي يعرف خفايا وحيثيات العمل بسوق القطع لا يشتري ولا يبيع، لأنه سيخسر حتماً، إذ لا يعقل أن يبيع الصراف ما بحوزته من القطع الأجنبي صباحاً، وهو يعلم أن سعر هذا القطع سيرتفع مساءً، كما أنه لا يشتري القطع أيضاً ويدرك أن أغلب التجار يحجمون عن شرائه بهذا السعر لتمويل مستورداتهم، وبالتالي فإن احتمال الخسارة سيكون أكبر.
وتساءل بعض التجار أنه في حال كان سعر السوق السوداء حقيقياً، فإن اكتناز القطع الأجنبي يحتاج إلى كتلة مالية كبيرة بالليرة السورية، يُعتقد أنها غير موجودة بالحجم الموازي لاكتناز القطع!!
يؤكد العارفون بعلم الاقتصاد تأثير العامل النفسي في الاقتصاد عموماً، والعملة بشكل خاص، رغم أنه علم تحكمه أساسيات منطقية ورياضية، وما يعيشه اقتصادنا الوطني اليوم من أزمة، كفيل بإحداث هزة بعملتنا وإن كانت مقوّمة بعوامل منطقية جديرة بالحفاظ على استقرارها، ولكن للأسف لايزال شبح انهيار الليرة مسيطراً على نفوس كل من بحوزته كتل مالية منها، في ظل عدم توضيح شفاف ومسؤول سواء من المركزي، أم من أية جهة حكومية أخرى، يشرح وضع الليرة ومستقبلها المقترن والمتداخل مع أساسيات اقتصادنا الوطني، وخاصة أن مراقبة أسعار الصرف أصبحت أول عمل يومي يقوم به المواطن قبل المستثمر، نتيجة التوجس المتملك لهما، مع الإشارة هنا إلى أن منطقية علم الاقتصاد تقتضي وجوب معرفة نسبة العوامل المؤثرة في أي اقتصاد، لمعرفة نسبة التغيّر فيه، وبناء عليه لم يحدث أي متغير خطير خلال هذه المرحلة كي يتأثر به سعر الصرف!.
يبقى أن نشير إلى وجوب تدخل الحكومة في الوقت الراهن لإنقاذ الليرة، من خلال العمل على الاقتصاد الإنتاجي، والبحث عن أسواق جديدة للتصدير، وبقدر ما تكون الحكومة قادرة على التحرك بسرعة ومرونة في هذا الاتجاه تستطيع دعم الليرة عبر الحصول على قطع أجنبي جديد.
البعث