ارتفعت أسعار بعض المواد التي زاد الطلب عليها خلال الظروف الاستثنائية الراهنة بحدود 100% خلال شهر، ومواد أخرى ارتفعت حتى 50%...والسؤال هنا برسم الحكومة التي تراقب العمل التجاري، والتجار: ما الذي تغير منذ شهر إلى درجة ارتفاع أسعار العديد من السلع فوق مستوى 50% ووصل بعضها 100%؟.
التجار بدورهم، يتذمرون، من الحالة العامة بتوجيه أصابع الاتهام لهم، عند كل رفع للأسعار، وكأن الأسعار ترتفع لوحدها، أو بقدرات سحرية، ويتذرعون بارتفاع التكاليف التي لا تنظر بها وزارة التموين عند التسعير، رغم صعوبة العمل التجاري وسط المخاطر العالية التي تفرضها الظروف الراهنة.
وطلب عضو مجلس إدارة غرفة دمشق، حسان عزقول، التفريق بين «التاجر الشريف الذي يعمل بنور الله، لضمان توفير السلع المطلوبة لتلبية الطلب المحلي»، وبين أن بعض التجار الذين وصفهم بـ«ضعاف النفوس»،ممن يرفعون الأسعارفي غير وجه حقّ.
إذاً، أقر التاجرالدمشقي بوجود ارتفاعات سعرية غير مبررة، من قبل بعض التجار، منوهاً بأن هذه ليست السمة العامة للوسط التجاري، مبيناً، أن هناك تكاليف يتحملها التاجر بشكل كبير، وهي غير منظورة في وزارة التموين، مثل أجور التمويل والتحويل العالية التي تدفع للمصارف وشركات الصرافة، من أجل دفع ثمن البضاعة للموردين الخارجيين، عدا عن تغيرات سعر الصرف، والنفقات المستورة الأخرى التي يتم دفعها هنا وهناك لتأمين التوريدات اللازمة ووصولها إلى المستودعات، ومن ثم إلى الأسواق، مشيراً إلى الرسوم غير الجمركية المرهقة التي ترفع كلف الاستيراد بشكل كبير.
عزقول، قدم بعض التجار، في صورة الضحية، كلما ارتفعت الأسعار، علماً بأنهم الملاذ الأساسي لتأمين احتياجات الأسواق، وسط عدم قدرة المؤسسات الحكومية منافسة التجار في تأمين متطلبات السوق، نظراً لتكبيل تلك المؤسسات بالروتين، عدا عن الفساد، خلافاً للمرونة التي يتمتع بها العمل التجاري.
وطالب بالعمل على تسهيل عمل التجار، لجهة إعادة النظر بسياسة التسعير، بحيث تلحظ التكاليف الكبيرة غير المنظورة، وتقديم إعفاءات من الرسوم غير الجمركية التي ترفع قيمة المستوردات بشكل كبير، وضبط أجور ورسوم التمويل والتحويل، لتصحيح الخلل في هيكل التكاليف، وبالتالي، ضمان استمرار عمل التجار، وإغلاق الأبواب غير اللازمة حالياً، والتي ترفع من التكاليف، وبالتالي الأسعار.
في الجانب الأخر، يرى مراقبون، أن مواضيع لجوء العديد من التجار إلى تلاعبهم بالفواتير، وعدم الاستيراد بأسمائهم الحقيقية، وعدم تقديم بيانات بالقيم الحقيقية للمستوردات، بلا أجوبة شافية من قبل الوسط التجاري.
وهناك أمور لا يمكن تفسيرها بغير الاحتكار والتلاعب بقوت المواطنين من أجل جني أكبر قدر ممكن الأرباح، وأبرزها؛ ارتفاع أسعار العديد من السلع بنسب كبيرة، تتجاوز كل الاعتبارات التي يرددها التجار، إذ إن نقاط الخلل في التكاليف، لم يطرأ عليها أي تغيير، مؤخراً، فمثلاً، الرسوم غير الجمركية الكبيرة، هي موجود منذ زمن طويل، ولم تتغير، كذلك الأمر بالنسبة لرسوم وأجور التمويل والتحويل لقيم المستوردات، هي مرتفعة جداً ومرهقة، ولها دور رئيس بارتفاع الأسعار، لكنها قائمة منذ زمن بلا تغيير، حتى أن قرار المصرف المركزي بتمويل مستوردات القطاع الخاص، المسموح بها، بالدولار التفضيلي (700 ليرة) عمره شهرين، ولم يتغير عليه شيء.
الوطن