حذر أستاذ الاقتصاد في المجلس العام للبنوك والمصارف الإسلامية، المستشار خالد شبيب، من أزمة اقتصادية عالمية في حال استمر وباء “كورونا” بالانتشار، مشيرا إلى جملة من الاقتراحات الواجب على الدول اتباعها لتفادي الانهيار الاقتصادي المتوقع.
كلام شبيب جاء في تصريحات خاصة لـ”وكالة أنباء تركيا”، تحدث فيها عن تداعيات فيروس “كورنا” على اقتصاديات العالم، والحلول المقترحة لتفادي أزمة اقتصادية محتملة.
وقال شبيب، إن “فيروس كورونا لم يعد (صينياً) في وعي الناس بعد أن عبر قارات العالم، وقد جاءت التداعيات الاقتصادية كبيرة نظرا لما تمثله الصين من مكانه اقتصادية عالمية، فضلا عن الإجراءات التي اتخذتها دول العالم لتجنب قدر الإمكان ويلات الفيروس القاتلة، فالصين تمثل الاقتصاد الثاني عالميا بعد الولايات المتحدة الأمريكية، حيث يزيد ناتجها المحلي الإجمالي عن 14 تريليون دولار، وتبلغ صادراتها نحو 2.5 تريليون دولار، بنسبة 12.5% من صادرات العالم”.
وأضاف شبيب أن “تفشي الفيروس في أوروبا كانت له نتائج خطيرة، حتى أنّ المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل تجرأت، يوم الأربعاء 11 آذار/مارس، على البوح بما تحاشى أقرانها الإفصاح عنه، من أنّ الجائحة قد تصيب ثلثي شعبها أو يزيد”.
وأشار إلى أنه “بعد أسابيع معدودة من ظهور (كوفيد 19، كورونا) في أوروبا صارت القارّة نموذجاَ مصغّراً لعالم موبوء بالفيروس، وثمة مناطق مُصابة به وأخرى متعافية منه حتى الآن، بينما تتدحرج الأوضاع نحو حالة طوارئ يتّسع نطاقها في مزيد من الدول والأقاليم”.
وصار مؤكداً أنّ التفشي المتسارع في أوروبا تحت وطأة “كورونا” ليس مزحة، فالشلل يتسلّل إلى الحياة اليومية تدريجياً، وتتجرّد القارّة في موسم كورونا من بهجة الربيع لترتدي الكمّامات، وتتوقف الفعاليات الثقافية والمؤتمرات والمعارض والنشاطات العامة، وتخلو قاعات المحاضرات وأروقة الدرس والصلاة من مرتاديها، وتستشرف المواسم السياحية المقبلة انهياراً محتوماً، بينما تشهد رحلات جوية وخطوط قطارات إلغاءات متزايدة، وتضطرّ الطائرات إلى الإقلاع بمقاعد شاغرة أحياناً، حسب شبيب.
ورجح شبيب أن “تخرج الدول الأوروبية من (سنة كورونا) بحصيلة موجعة من العجز والديون، بينما تقف أسواق المال الأوروبية والعالمية على شفير انهيارات محتملة، قد تتداعى بتأثير الدومينو المتعاقب الذي سيهوي بـ (اليورو)، مؤكدا أن “العالم يعيش في أزمة حقيقية مرتبطة بجائحة كروونا (الطاعون العالمي)، والعالم بات على شفا الهاوية إذا لم يتم استيعاب هذا الفيروس”.
ورأى أن “الطاعون الوبائي المرضي انتقل إلى السوق المالي العالمي، وأصبح مرتبطا به ارتباطا عضويا كما يبدو، وانهيارات البورصة في العالم وتردي سعر برميل النفط إلى 28 دولار دليل واضح على الأزمة الاقتصادية العالمية لجميع دول العالم و الخسائر الاقتصادية هائلة جراء اغلاق الأجواء والحدود بين الدول أمام حركة الناس والتجارة، وبالتالي فإن تعافي الاقتصاد من أزمته بات مرتبطا بالتعافي من الفيروس أو تمدد الأزمة الاقتصادية طالما استمرت مدة علاج الفيروس”.
وأضاف شبيب أن “العالم أمام طاعون مالي متوقع إذا استمر انتشار الوباء سيشهد انهيارات اقتصادية في كثير الدول، وربما يؤدي إلى سقوط حكومات إلا إذا اكتشف العلاج فإنه يسخفف من الأزمة ولكن التعافي يحتاج وقت والله أعلم”.
واعتبر أنه “ينبغي على الحكومات أن لا تعالج الأزمة بعشوائية، بل لا بد لها من تخطيط واضح وملموس بشفافية كاملة لمواجهة الأزمة، مع وضع سيناريوهات للمواجهة في الأجل القصير والأجل المتوسط والأجل الطويل، فلا يوجد للآن تنبؤ واضح يعكس متى تنتهي هذه الأزمة التي تفتك بالإنسان والاقتصاد على السواء”.
وتابع بالقول محذرا إنه اذا استمر الوضع على ماهو عليه الآن لمدة 6 أشهر فإن كثيرا من الشركات ستعلن إفلاسها وسنكون أمام انهيار اقتصادي عالمي، وهذا يفرض على الدول التدخل وضخ اموال في السوق بمئات مليارات الدولارات.
وأكد شبيب قائلا إنه لابد من التحرك بسرعة من قبل الدول والحكومات وعليها أن تقوم بما يلي:
- أن تقوم البنوك المركزية بتخفيض نسبة الفائدة.
- أن تقوم الدول بدعم المواطنين و أن يكون توجيه الدعم للأفراد وليس للشركات فقط، لأن استهلاك الأفراد هو الذي سيعافي الشركات والمصانع وينهض بالاقتصاد.
- أن يتم منح قروض متوسطة الأجل وطويلة الأجل بدون فائدة للأفراد والمؤسسات والشركات.
- تأجيل سداد الديون او الأقساط إلى الدولة والبنوك والمصارف إلى انتهاء الأزمة.
وختم شبيب قائلا إن “المطلوب من أغنياء المسلمين أن يرحموا فقراء المسلمين و عامتهم، و أن يبذلوا أضعاف مضاعفة في هذه الأيام التي تبدو عصيبة على الفقراء”.