فتحت الحكومة السورية تحقيقاً جنائياً في موقع مقبرة جماعية بمنطقة الضمير في ريف دمشق، وأمّنت محيطه ونشرت قوات عسكرية، عقب تحقيق استقصائي لوكالة “رويترز” كشف تفاصيل عملية سرّية لنقل جثث خلال أعوام سابقة.
وقالت مصادر أمنية وعسكرية لـ“رويترز” إن السلطات سارعت إلى تطويق الموقع الصحراوي، وإقامة نقطة تفتيش عند مدخل منشأة عسكرية قريبة، وفرضت الحصول على تصريح من وزارة الدفاع للدخول، بالتزامن مع إعادة تشغيل المنشأة كثكنة ومستودع أسلحة منذ تشرين الثاني الماضي. وأضافت المصادر أن فرق التحقيق باشرت توثيق الموقع بالتصوير والمسح الأرضي واستجواب شهود على مراحل النقل.
وأوضح رئيس مركز شرطة الضمير، جلال طباش، أن التحقيقات شملت الاستماع إلى شهود لهم صلة مباشرة بعملية نقل الجثث، من بينهم ميكانيكي عاين شاحنات تعطلت أثناء ما سُمّي “تحريك الأرض”. بدوره، أفاد المدعي العام في عدرا، القاضي زمان العبدالله، بأن معلومات عن مشتبه بهم من عهد النظام السابق—بعضهم داخل البلاد وآخرون خارجها—قيد المراجعة، استناداً إلى وثائق حصلت عليها الأجهزة الأمنية بعد سقوط النظام نهاية 2024، دون كشف تفاصيل إضافية لحساسية الملف.
ويأتي ذلك في سياق كشف تحقيق “رويترز” عن عملية سرّية نُفّذت بين عامي 2019 و2021، نُقلت خلالها جثث من مقبرة جماعية كبيرة في القطيفة إلى موقع صحراوي قرب الضمير، بمشاركة ضباط من الحرس الجمهوري وسائقين وعمال مدنيين، وتحت تهديد أمني. ووفق شهادات، استمرت عمليات النقل أربع ليالٍ تقريباً أسبوعياً، مستخدمة ستاً إلى ثماني شاحنات في كل مرة.
ورصدت “رويترز” عبر تحليل صور جوية وأقمار صناعية ظهور موقع جديد يضم ما لا يقل عن 34 خندقاً، يصل طول الواحد منها إلى كيلومترين، مع مؤشرات على احتمال دفن عشرات الآلاف من الضحايا، بينهم معتقلون وسجناء قضوا تحت التعذيب ومدنيون اختفوا قسرياً. كما أشارت صور أواخر 2025 إلى عودة نشاط عسكري واضح في محيط القاعدة.
وفي تطور موازٍ، أعلنت الهيئة الوطنية للمفقودين خططاً لبناء قدرات فنية وإنشاء مختبرات بمعايير دولية تمهيداً لنبش مقابر جماعية، بينها موقع الضمير، على أن تبدأ الإجراءات الميدانية بحلول عام 2027 لتحديد مصير آلاف المفقودين. ولم تُصدر وزارة الإعلام تعليقاً رسمياً حتى الآن، فيما تواصل فرق الأمن والادعاء مراجعة الملفات المرتبطة بالمسؤولين المباشرين عن العملية.