كشف تحقيق لصحيفة نيويورك تايمز الأميركية عن تحركات سرّية يقودها ضباط كبار في النظام البائد، تهدف إلى إثارة الاضطرابات وزعزعة الاستقرار في سوريا، استنادًا إلى مراسلات نصية ومكالمات هاتفية مخترقة، أظهرت محاولات بناء تمرد مسلح من الخارج عبر تمويل وتسليح مجموعات خارجة عن القانون.
وأفاد التحقيق بأن هذه التحركات سعت إلى تقويض الحكومة السورية الحالية، مع خطط محتملة لـاستعادة نفوذ سابق أو السيطرة على مناطق داخل البلاد، من خلال شبكات مالية وعسكرية وأمنية امتد نشاطها خارج الحدود السورية.
وبيّن التقرير أن المخطط شمل توزيع أموال وتجنيد مقاتلين وتهريب أسلحة، إضافة إلى تنسيق مع ميليشيات إقليمية ومحاولات تأثير سياسي في واشنطن، قبل أن يبدأ بالتراجع خلال تشرين الأول 2025، تزامنًا مع عمليات أمنية نفذتها الحكومة السورية واستهدفت خلايا مرتبطة بهذه الشبكات.
وسمّى التحقيق عددًا من الشخصيات العسكرية والأمنية البارزة في النظام البائد، وفي مقدمتهم سهيل الحسن، القائد السابق لما عُرف بـ“قوات النمر”، بوصفه حلقة وصل مركزية في التخطيط والتجنيد وجمع المعلومات، إلى جانب كمال الحسن، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية، الذي ظهر في المراسلات مشاركًا في الجهود ذاتها رغم نفيه التورط عند تواصل الصحيفة معه.
وكشف التحقيق، نقلًا عن مكالمات مسربة، عن تجنيد غياث دلا، القائد السابق في “الفرقة الرابعة”، وتخصيص 300 ألف دولار شهريًا كمخصصات لمقاتلين وقادة محتملين، إضافة إلى تمويل قدمه رامي مخلوف، وفقًا لأشخاص مشاركين في المخطط.
وأوضح التقرير تفاصيل إضافية عن آليات العمل، من بينها خطط مكتوبة بخط اليد أرسلها سهيل الحسن في نيسان 2025 تتضمن أرقامًا عن المقاتلين وأنواع الأسلحة، وتوزيع مبالغ شهرية تتراوح بين 200 و1000 دولار، وطلبات شراء معدات اتصالات عبر الأقمار الصناعية بقيمة 136,600 دولار، فضلًا عن مناقشات مع جهات إقليمية بشأن تهريب أسلحة إلى سوريا.
وأشار التحقيق أيضًا إلى محاولات توسّع سياسي شملت التعاقد مع شركة ضغط في الولايات المتحدة بقيمة مليون دولار عبر مؤسسة مدنية مقرها بيروت، بهدف التأثير على صناع القرار الأميركيين وتقديم أطراف الشبكة كبديل سياسي محتمل.
وبالتوازي مع نشر التحقيق، أعلنت وزارة الداخلية السورية تنفيذ عملية أمنية في ريف اللاذقية استهدفت خلية تُعرف باسم “سرايا الجواد” مرتبطة بسهيل الحسن، وأسفرت عن إلقاء القبض على أحد أفرادها وتحييد ثلاثة آخرين.
ومن المتوقع أن تواصل الجهات المختصة متابعة وتفكيك ما تبقى من هذه الشبكات، في ظل تقديرات تشير إلى انهيار المخطط بحلول تشرين الثاني 2025، وسط تأكيدات رسمية على استمرار الجهود الأمنية لمواجهة أي محاولات لزعزعة الاستقرار في مرحلة ما بعد التحرير.