أصدرَت الشَّبكة السورية لحقوق الإنسان تقريراً حقوقياً يسلّط الضوء على “الفرع 300” التابع لإدارة المخابرات العامة، واصفةً إيّاه بأداة مركزية في منظومة القمع والمراقبة والملاحقة التي اعتمدها النظام السوري السابق، وذلك استناداً إلى تحليل معمّق لوثائق رسمية وشهادات ناجين وذوي ضحايا، وفق معايير التوثيق الدولية، بهدف كشف دور الفروع الأمنية الأقل تناولاً في التقارير الحقوقية.
وأوضَحَ التقرير أن “الفرع 300”، المعروف بفرع مكافحة التجسّس، اضطلع بدور محوري بعد عام 2011 في الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب، مستهدفاً ناشطين وصحفيين وموظفين وسوريين ذوي صلات خارجية وأجانب، حيث وثّقت الشبكة ما لا يقل عن 17,438 حالة اعتقال تعسفي و2,463 حالة تعذيب مرتبطة بعمل الفرع، في سياق منظومة أمنية أوسع أدّت، بحسب بياناتها، إلى استمرار اختفاء أكثر من 160 ألف شخص قسرياً ومقتل أكثر من 45 ألفاً تحت التعذيب في مراكز الاحتجاز التابعة للنظام السابق.
واستعرَضَ التقرير الخلفية البنيوية للأجهزة الأمنية في سوريا، المؤلفة من أربعة أجهزة استخبارات رئيسة تتبع مباشرة لمكتب الأمن الوطني، مبيّناً أن “الفرع 300” يُعد فرعاً مركزياً ضمن إدارة المخابرات العامة، ويتمتع بصلاحيات واسعة تتجاوز القضاء، ويعمل من مقره في حي كفرسوسة بدمشق، ضمن بيئة عالية السرّية، وبالتنسيق مع فروع أخرى داخلية وخارجية لتبادل المعلومات وتنفيذ إجراءات الملاحقة والمنع من السفر والمصادرة.
وخَلُصَ التقرير إلى أن الانتهاكات المرتكبة لم تكن فردية بل ممنهجة، محمّلاً القيادات الإدارية والأمنية المسؤولية القانونية وفق مبدأ المسؤولية القيادية، ومؤكداً عدم مشروعية أي أدلة منتزعة تحت التعذيب وعدم سقوط جرائم الإخفاء القسري بالتقادم، قبل أن يوصي بخطوات لاحقة تشمل فتح مسارات مساءلة قضائية، وحماية الضحايا والشهود، وإدراج انتهاكات “الفرع 300” ضمن آليات العدالة الانتقالية، مع الدعوة إلى رقابة تشريعية وقضائية على أي أجهزة استخبارات مستقبلية.