كشف تقرير نشرته مجلة «الإيكونوميست» عن ترسّخ حضور إسرائيلي طويل الأمد جنوب سوريا، في تحول يتجاوز توصيف «الوجود المؤقت»، ويعكس استراتيجية تقوم على تثبيت نفوذ عسكري وأمني، مدفوعة بشكوك إسرائيلية حيال قدرة الحكومة السورية الجديدة على ضبط الحدود ومنع تهديدات مستقبلية.
وأوضح التقرير أن القوات الإسرائيلية تحركت بعد ساعات من فرار الرئيس المخلوع بشار الأسد من دمشق في كانون الأول الماضي، وسيطرت على مساحات واسعة تمتد من قمة جبل الشيخ إلى المثلث الحدودي بين سوريا والأردن وإسرائيل، مبررة ذلك بملء «فراغ أمني» ومنع أي هجمات محتملة على مستوطنات الجولان.
وأشار إلى أن الجيش الإسرائيلي حفر خندقًا عميقًا في الجولان لمنع تسلل مجموعات مسلحة، وشرع ببناء قنوات تواصل مع قرى ذات غالبية درزية، مستندًا إلى روابط اجتماعية وعائلية، في ظل قلق إسرائيلي من مستقبل هذه المناطق تحت سلطة دمشق الجديدة.
وبيّن التقرير أنه بعد مرور عام لا تزال القوات الإسرائيلية متمركزة في المنطقة، حيث أنشأت نحو عشرة مواقع محصنة داخل الأراضي السورية، ووصفتها مصادر عسكرية بأنها «معدة للبقاء لسنوات»، إلى جانب تعيين جهات ارتباط مدنية وتقديم مساعدات في بعض القرى، مقابل تنفيذ مداهمات عسكرية في مناطق أخرى.
وسلّط الضوء على حادثة بلدة بيت جن، حيث دخلت القوات الإسرائيلية في 28 تشرين الثاني الماضي واعتقلت أشخاصًا قالت إنهم ينتمون إلى ميليشيا إسلامية لبنانية، ما أدى إلى اشتباكات أسفرت عن مقتل نحو 20 شخصًا من سكان البلدة، وفق التقرير.
ونقل عن مصادر إسرائيلية قناعتها باستمرار نشاط مجموعات معادية جنوب سوريا، مع إبداء شكوك حيال نوايا وإمكانات حكومة الرئيس أحمد الشرع، في ظل تحركات تركية شمالًا ومحاولات إيرانية وحزبية لإعادة تنشيط خطوط تهريب باتجاه لبنان.
وتوقّع التقرير استمرار الجدل حول الوجود الإسرائيلي، في وقت تضغط فيه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب باتجاه حوار مع دمشق واتفاق أمني يعيد القوات إلى خطوط فض الاشتباك لعام 1974، محذرًا من أن السياسات الحالية قد تخلق «أعداء جدداً» وتحوّل المخاوف الأمنية إلى «نبوءة قابلة للتحقق».