شهدت تركيا خلال عام واحد أكبر موجة عودة طوعية للاجئين السوريين منذ اندلاع الأزمة، عقب انهيار نظام الأسد أواخر عام 2024، في تحوّل أحدث تغييرات ديمغرافية واقتصادية وسياسية واضحة في المشهد الداخلي التركي.
وسجّلت بيانات رسمية لإدارة الهجرة التركية عودة أكثر من 578 ألف سوري إلى بلادهم خلال عام واحد، ليرتفع إجمالي عدد العائدين منذ عام 2016 إلى نحو مليون و318 ألف شخص، ضمن برنامج “العودة الآمنة والمنظمة”، ما انعكس مباشرة على توزّع السكان وضغط الخدمات في المدن الكبرى.
وتراجعت أعداد السوريين المقيمين في ولايات إسطنبول وغازي عنتاب وهاتاي بشكل ملحوظ، ما خفّف الضغط على قطاعات التعليم والصحة، وأسهم في انخفاض نسبة السوريين المشمولين بالحماية المؤقتة إلى نحو 3.16% من إجمالي سكان تركيا مع نهاية عام 2024.
وفي المقابل، برزت تداعيات اقتصادية مباشرة تمثلت في تراجع الطلب داخل قطاعات حيوية، أبرزها النسيج والعقارات، إلى جانب انكشاف نقص حاد في اليد العاملة بقطاعات اعتمدت لسنوات على العمال السوريين، خاصة في ولايات الجنوب.
وأكد مسؤولون صناعيون في غازي عنتاب إغلاق مئات الورش وتراجع الإنتاج في صناعات النسيج والأحذية، نتيجة مغادرة آلاف العمال، ما أعاد طرح تحديات سوق العمل بعد سنوات من الاستقرار النسبي.
ودفعت هذه التحولات الحكومة التركية إلى إعداد دراسات لسد فجوات العمالة، بالتوازي مع خطط لاستقدام عمالة أجنبية ومنح تصاريح طويلة الأجل لبعض السوريين المهرة، مع الاستمرار في تشجيع العودة الطوعية.
سياسياً، انعكست موجة العودة على الخطاب الداخلي، إذ تراجع الجدل الحاد حول ملف اللاجئين، وتبنّت الأحزاب الرئيسية خطاباً أكثر توافقاً يركّز على دعم العودة الآمنة وضمان كرامة العائدين، في تحول لافت بعد سنوات من السجال السياسي.