منوعات

صحة

انتشار اليرقان الكبدي (الصفار) في سوريا: واقع صحي ومخاطر متزايدة

انتشار اليرقان الكبدي (الصفار) في سوريا: واقع صحي ومخاطر متزايدة

يشهد المجتمع السوري في السنوات الأخيرة ازدياداً ملحوظاً في حالات الإصابة باليرقان الكبدي، والذي يُعدّ أحد أبرز الأعراض المرتبطة بفيروس التهاب الكبد A. ويُفسَّر هذا الانتشار بتر Kombination من العوامل الصحية والبيئية والاجتماعية التي أدت إلى تراجع جودة المياه، وازدحام البيئات السكنية، وضعف أنظمة الرقابة الصحية، ما يجعل هذا المرض تحدياً صحياً عاماً يستحق الدراسة والمعالجة.


أولاً: ماهية التهاب الكبد A وأسباب انتشاره


يُعد التهاب الكبد A عدوى فيروسية تصيب خلايا الكبد وتؤدي إلى التهابها، مسبّبة مرضاً قد تتراوح شدته بين الخفيف والمؤقت وصولاً إلى الحالات الشديدة التي قد تتطلب رعاية طبية فورية. ينتقل الفيروس بشكل رئيسي عبر ابتلاع الطعام أو المياه الملوّثة، أو عبر المخالطة المباشرة لشخص مصاب، وهو ما يجعل البيئات ذات البنية التحتية المتدهورة أكثر عرضة لانتشاره.


وفي العديد من المناطق السورية، أسهمت عوامل مثل تلوث شبكات المياه القديمة، ضعف الرقابة الغذائية، اختلاط مياه الصرف الصحي، والاكتظاظ في المخيمات والمناطق العشوائية في تهيئة بيئة مثالية لانتقال العدوى. كما أن محدودية الوعي الصحي لدى بعض الشرائح المجتمعية تُسهم في زيادة العدوى نتيجة عدم الالتزام بممارسات النظافة السليمة.


ثانياً: الأعراض السريرية لالتهاب الكبد A


تظهر أعراض التهاب الكبد A عادة بعد فترة حضانة تمتد بين أسبوعين وستة أسابيع، ويمكن أن تختلف حدتها بين الأفراد. من أبرز العلامات:


اليرقان (الصفار): تغيّر لون الجلد وبياض العين إلى الأصفر.


الحمّى وارتفاع الحرارة.


البول الداكن والبراز الفاتح.


التعب الشديد وفقدان الطاقة.


الغثيان والتقيؤ والإسهال المفاجئ.


فقدان الشهية وتراجع الرغبة في تناول الطعام.


آلام المعدة واضطرابات الجهاز الهضمي.


آلام المفاصل والعضلات.


الحكة الجلدية في بعض الحالات المتقدمة.


ويُعد اليرقان من أهم المؤشرات التي تدفع المرضى لطلب الرعاية الطبية، خاصة في البيئات التي تنتشر فيها العدوى.


ثالثاً: محددات انتشار الصفار في سوريا


يمكن تتبع انتشار اليرقان الكبدي في سوريا إلى مجموعة من العوامل الهيكلية:


1. تلوث مصادر المياه


تعرّض شبكات المياه للتسريب والاختلاط مع مياه الصرف الصحي، إلى جانب استخدام مصادر مياه غير مراقبة في بعض المناطق، يُعد سبباً رئيسياً في تفشي المرض.


2. تدهور البنية التحتية الصحية


الحرب الممتدة أضعفت قدرة المؤسسات الصحية على مراقبة نوعية الغذاء والمياه، وخفّضت من معدلات التطعيم.


3. الاكتظاظ السكاني


ارتفاع الكثافة السكانية في المخيمات والمناطق العشوائية يزيد فرص انتقال الفيروس عبر المخالطة أو مشاركة الأدوات الشخصية.


4. ضعف الوعي الصحي


قلة الالتزام بغسل اليدين أو تعقيم المرافق العامة ترفع معدلات الإصابة، خصوصاً بين الأطفال.


5. سوء التخزين الغذائي


بيع الأغذية المكشوفة وقلة الرقابة على الأسواق الشعبية تسهم في نقل العدوى عبر الطعام الملوّث.


رابعاً: استراتيجيات الحد من انتشار التهاب الكبد A


توصي الهيئات الصحية بمجموعة من الإجراءات الوقائية التي تُعد فعّالة في كسر حلقات العدوى، أبرزها:


الالتزام بنظافة اليدين عبر الغسل بالماء والصابون بعد استخدام الحمام وقبل إعداد الطعام أو تناوله.


تجنّب مشاركة الأدوات الشخصية مع المصابين، كالمناشف وأدوات الطعام.


غسل الخضار والفواكه جيداً والاعتماد على المياه المعبأة أو المعالجة في المناطق التي ينتشر فيها المرض.


تجنّب تناول الأغذية المكشوفة أو غير المطهوة جيداً خاصة أثناء السفر.


شرب المياه من مصادر موثوقة ذات رقابة صحية.


تنظيف وتعقيم دورات المياه بانتظام وارتداء قفازات مناسبة للوقاية.


تعزيز برامج التوعية الصحية في المدارس والمجتمع لرفع مستوى السلوك الوقائي.


تشجيع التطعيم ضد التهاب الكبد A، وهو ما أثبت فعاليته الكبيرة في الحد من الانتشار في الدول التي تتبعه.


خاتمة


إن انتشار اليرقان الكبدي في سوريا يعكس خللاً عميقاً في منظومة الصحة العامة، مرتبطاً بشكل مباشر بواقع البنية التحتية والخدمات الأساسية. ومع أن التهاب الكبد A يُعد من الأمراض القابلة للوقاية بدرجة كبيرة، إلا أن السيطرة عليه تتطلب تعاوناً بين السلطات الصحية، ومنظمات المجتمع المدني، والأسر، والمؤسسات التعليمية. ويُعد تعزيز الوعي الصحي وتحسين جودة المياه وتفعيل برامج التطعيم من أهم الخطوات التي يمكن أن تقلل بشكل ملموس من انتشار هذا المرض وتحمي الفئات الأكثر هشاشة، وخصوصاً الأطفال.

google-news تابعوا آخر أخبار وكالة السوري الإخبارية عبر Google News

مقالات متعلقة