كشفَ وزيرُ الخارجية السوري أسعد الشيباني، في مقابلة أُجريَت في الثالث عشر من نوفمبر 2025 مع مجلة «المجلة»، ملامح التحوّل الذي قادته سوريا خلال العام الذي تلا سقوط النظام السابق، موضحًا أنّ إعادة تعريف السياسة الخارجية جاءت ضمن رؤية سبقت لحظة التحرير بسنوات.
وأوضح الشيباني أنّ صعود الرئيس أحمد الشرع من شخص مصنّف على قوائم الإرهاب عام 2024 إلى قائد يلتقي زعماء الدول الكبرى خلال عام واحد فقط لم يكن مفاجئًا له، إذ اعتمدت الدبلوماسية السورية الجديدة على الصدق والمهنية والانفتاح، بعيدًا عن لغة النظام السابق وشعارات الثورة التقليدية. وبيّن أن ما حدث في الثامن من ديسمبر 2024 دفع عواصم إقليمية ودولية إلى مراجعة مواقفها، خاصة بعد تدفّق الوفود إلى دمشق وبداية اللقاءات الاقتصادية والسياسية. وأكد أن الدول وجدت في البرنامج السوري الجديد «صدقية غير مسبوقة» لأن ما وعدت به القيادة تحقق فعليًا.
وجاء حديث الوزير في سياق تقييم المرحلة الأولى بعد التحرير، متطرقًا إلى التحديات التي واجهتها القيادة، من بقايا النظام السابق إلى ملف العقوبات وتهديد تنظيم الدولة، إضافة إلى الحاجة لتحييد التفوّق الجوي الروسي الذي كان العامل الحاسم في معارك السنوات الماضية. وكشف أنّ القيادة راقبت قاعدة حميميم في مطلع 2024 خشية عودة القصف على إدلب، ما دفعها لصياغة خطة “ردع العدوان” التي تجنّبت الاحتكاك المباشر مع الروس، قبل فتح قناة تواصل سرية معهم منتصف المعركة.
وأشار الشيباني إلى أنّ اللقاء الحاسم مع الجانب الروسي جرى في معبر باب الهوى مع شخصية رفيعة جدًا، مؤكداً أنّ الرسالة التي وصلت إلى موسكو تمثلت في قوله: «إسقاط بشار الأسد لا يعني خروج روسيا من سوريا». وأوضح أن هذا الطرح مهّد لاجتماعات لاحقة، وأن انسحاب القوات الروسية من دمشق جاء بعد تأكيد القيادة قدرتها على الوصول إلى العاصمة خلال 48 ساعة، الأمر الذي عجّل بانهيار النظام دون معركة داخل المدينة.
وتوقع الشيباني استمرار النقاشات مع موسكو بشأن مستقبل قاعدتي حميميم وطرطوس، مشددًا على أنّ الوجود العسكري الروسي لن يستمر ما لم يخدم المصلحة السورية، ومؤكدًا أن بلاده تعيد صياغة علاقاتها الدولية على أساس الشراكة والاحترام المتبادل، مع خطوات دبلوماسية جديدة مرتقبة في الفترة المقبلة.