أظهرت الدراسات الحديثة قدرة الجسم البشري على تكييف تركيبة حليب الأم بما يتوافق مع احتياجات كل طفل على حدة، حتى عندما يكون لدى الأم أكثر من طفل. تُظهر الصورة المرفقة مثالًا حيًا على هذه الظاهرة: الحليب المأخوذ من ثديين مختلفين لدى نفس الأم يظهر اختلافًا واضحًا في اللون والتركيب الغذائي.
🔹 الأم لديها طفلان بأعمار مختلفة، وخصصت كل ثدي للرضاعة لطفل معين.
🔹 الطفل الأكبر كان يعاني من مرض، مما أدى إلى إفراز الحليب من الثدي المخصص له بلون أغمق وغني بالأجسام المضادة، لتعزيز مناعته ومساعدته على التعافي.
🔹 الطفل الأصغر كان بصحة جيدة، لذا أفرز الثدي المخصص له حليبًا أخف وأفتح، مناسبًا للنمو الطبيعي وتلبية احتياجاته الغذائية اليومية.
الآلية العلمية وراء هذه القدرة
يكمن السر في آلية تعرف باسم Salivary Backwash، حيث يعود جزء صغير جدًا من لعاب الطفل إلى قنوات الحليب أثناء الرضاعة. يحمل هذا اللعاب "بصمة" صحية للطفل، تتضمن معلومات عن وجود فيروسات، بكتيريا، التهابات، أو حتى مستوى الترطيب. يستشعر الثدي هذه المعلومات ويعدل تركيبة الحليب بشكل فوري:
زيادة الأجسام المضادة عند وجود عدوى.
رفع محتوى الماء إذا كان الطفل يعاني من جفاف.
تعديل الفيتامينات والمعادن لتلبية احتياجات الطفل الغذائية الخاصة.
خلاصة
يعتبر حليب الأم غذاءً حيًا ومتجددًا، حيث يعمل كدواء طبيعي لتعزيز صحة الطفل ومناعته، ويقدم مثالًا رائعًا على حكمة الخلق ودقة التكيف البيولوجي في الجسم البشري.
د. سيف سمير البياتي – أخصائي طب الأطفال