يُعدّ الصداع النصفي، أو ما يُعرف بالشقيقة، أحد أكثر اضطرابات الجهاز العصبي شيوعاً، وهو حالة مرضية تتمثل في ألم نابض وحاد يصيب أحد نصفي الرأس—الأيمن أو الأيسر—وقد ينتقل بينهما خلال نوبات الصداع. تتراوح مدة النوبة بين دقائق قليلة وحتّى 72 ساعة متواصلة، ما يؤثر بشكل ملحوظ على القدرة على أداء الأنشطة اليومية. وتشير الدراسات إلى انتشار الشقيقة بين النساء بنسبة أعلى مقارنة بالرجال، نتيجة عوامل بيولوجية وهرمونية معقّدة.
أولاً: أسباب الصداع النصفي
تتداخل عدة عوامل محفّزة في ظهور نوبات الشقيقة، ويمكن تلخيص أبرزها في الآتي:
التغيرات الهرمونية عند المرأة
تُعد مرحلة سن اليأس، وفترات الحمل والولادة، من المحفزات الرئيسية نظراً لتقلّبات مستوى الهرمونات الأنثوية.
اتباع أنظمة غذائية قاسية أو مفاجئة
الانخفاض الحاد في السعرات الحرارية قد يؤدي إلى اضطراب مستوى السكر في الدم وتحفيز النوبة.
الإفراط في التدخين
يساهم النيكوتين في تضييق الأوعية الدموية، مما يزيد احتمالية حدوث الصداع.
التعرض للروائح الشديدة
خاصة الغازات الكيميائية والمنظفات وبعض المواد السامة التي تُعد محفزات حسية قوية.
اضطرابات النوم
سواء قلة النوم أو زيادته، إضافةً إلى تأثير بعض الأدوية التي تغيّر إيقاع النوم.
العامل الوراثي
يُسهم بشكل واضح في قابلية الشخص للإصابة بالشقيقة.
الإجهاد البدني أو النفسي الحاد
قد يؤدي التوتر المستمر إلى تكرار نوبات الصداع.
التعرض للأصوات المرتفعة
لفترات طويلة، مما يجهد الجهاز العصبي.
العوامل النفسية والعصبية
مثل القلق والاكتئاب، التي قد تزيد من حدة الأعراض.
ثانياً: أعراض الصداع النصفي
تتباين الأعراض بين شخص وآخر، إلا أن المرض يترافق غالباً مع مجموعة من العلامات الواضحة، أبرزها:
اضطراب الرؤية أو رؤية هالات ضوئية.
تقلبات المزاج والشعور المفاجئ بالحزن أو الاكتئاب.
الأرق أو الاستيقاظ من النوم دون شعور بالراحة.
ألم نابض في أحد جانبي الرأس.
ألم في الرقبة وتصلّب عضلاتها.
شم روائح غريبة غير موجودة فعلياً (هلوسات شمية).
الدوخة أو الدوار.
الغثيان المصحوب أحياناً بالقيء.
ثالثاً: علاج الصداع النصفي
ورغم أن الصداع النصفي قد لا يملك علاجاً نهائياً لدى بعض المرضى، إلا أن السيطرة على نوباته والتخفيف من حدتها ممكن عبر مجموعة من الأساليب:
الاسترخاء والتقليل من التوتر
الابتعاد عن الضغوط النفسية والعصبية يساعد في منع تفاقم النوبة.
ممارسة التأمل واليوغا
تساهم تقنيات التنفس العميق في تهدئة الجهاز العصبي.
تدليك جانبي الرأس
خاصة باستخدام زيوت عطرية مثل زيت النعناع، بخطوات دائرية لطيفة تساعد في تخفيف الألم.
الاستحمام بالماء البارد
يساعد في تقليل تمدد الأوعية الدموية المصاحب للنوبة.
تناول مشروبات عشبية مهدئة
مثل مغلي حبة البركة واليانسون والبابونج، لتهدئة الأعصاب وتخفيف حدة الصداع.
تجنب محفزات النوبة
كالروائح القوية، والأصوات المرتفعة، والمنبهات الحسية الأخرى.
خلاصة
يُعد الصداع النصفي حالة عصبية شائعة لكنها قابلة للإدارة عند معرفة محفزاتها والتعامل الصحيح مع نوبات الألم. إن تبنّي نمط حياة متوازن وتجنب المثيرات الحسية، إلى جانب العلاجات الطبيعية والطبية، يمكن أن يقلل من شدّة الأعراض ويمنح المريض قدرة أكبر على ممارسة حياته بشكل طبيعي.