تجدد الجدل في ألمانيا حول عودة اللاجئين السوريين، وسط تصاعد الضغوط السياسية والشعبية على الحكومة لإعادة تقييم سياساتها تجاه الإقامة والترحيل.
أعادت دعوات من بعض الأحزاب المحافظة والنقابات الأمنية النقاش إلى الواجهة، مطالبةً بتشديد الإجراءات ومراجعة تصاريح الإقامة وتسريع ترحيل مرتكبي الجرائم، في وقت تؤكد فيه الحكومة أن الواقع الديمغرافي والاقتصادي يجعل من الهجرة عنصرًا ضروريًا لاستمرار النمو في البلاد.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن ألمانيا تحتضن نحو 975 ألف سوري منذ موجة اللجوء عام 2015، يعمل منهم حوالي 300 ألف شخص في مختلف القطاعات، إضافة إلى 20 ألفًا يمارسون أعمالًا حرة. ووفقًا لمعهد أبحاث سوق العمل (IAB)، فإن خروج هذه الشريحة من سوق العمل سيؤدي إلى اضطرابات في القطاعات الحيوية وارتفاع في الأسعار.
منذ عام 2012، لم تُنفذ ألمانيا أي عمليات ترحيل قسري إلى سوريا لأسباب أمنية، واقتصر الأمر على عودة 1900 سوري فقط طوعًا حتى أغسطس/آب 2025 بدعم حكومي، ما يجعل احتمالات العودة الجماعية ضعيفة. كما تشير الإحصاءات إلى أن أكثر من 7 آلاف طبيب سوري يعملون في المستشفيات الألمانية، كثير منهم يشكلون ركيزة أساسية في نظام الرعاية الصحية الذي يعاني من نقص الكوادر.
وقال الدكتور أنس جانو، طبيب القلب في مستشفى جامعة ينا: "من يعمل ويؤسس حياة هنا يريد الأمان والتقدير، لكن الأخبار السلبية عن السوريين تجعل البعض يشعر بالإقصاء."
وحذّر الخبير الاقتصادي هربرت بروكر من أن "ألمانيا بدأت تفقد جاذبيتها للمهاجرين المهرة بسبب المناخ الاجتماعي السلبي."
وبين حاجة ألمانيا الاقتصادية إلى اليد العاملة السورية، والضغوط الداخلية لتقليص الهجرة، تبقى قضية عودة اللاجئين السوريين أقرب إلى الجدل السياسي منها إلى التطبيق العملي في المدى المنظور.