أثار قرار مجلس التعليم العالي في سوريا، القاضي بالسماح لطلاب الجامعات المنقطعين منذ أكثر من عقد بالعودة إلى مقاعد الدراسة، جدلاً واسعاً في الأوساط الأكاديمية والطلابية، بعد أن جاء تطبيقه متفاوتاً بين الكليات والفصول الدراسية، ما اعتبره بعض الطلبة دليلاً على استمرار البيروقراطية داخل المؤسسات التعليمية.
وجاء القرار تنفيذاً للمرسوم رقم (95) لعام 2025 الصادر عن الرئيس أحمد الشرع، الذي يتيح لطلاب المرحلتين الجامعية الأولى والدراسات العليا المنقطعين عن دراستهم منذ العام الدراسي 2010-2011 العودة إلى الجامعات السورية وتقديم امتحاناتهم، مع مراعاة طبيعة المقررات العملية في الكليات التطبيقية.
وأوضح مصدر في جامعة الفرات أن القرار يسمح لطلاب الفصل الأول في الكليات العلمية بالتعويض عن الامتحانات العملية عبر أسئلة نظرية بديلة، في حين يُحرم طلاب الفصل الثاني من هذا الخيار لعدم إمكانية الاستعاضة عن المقررات العملية، ما أثار استياء شريحة من الطلبة العائدين الراغبين في استئناف دراستهم لاحقاً هذا العام.
وبينما رأى طلاب عادوا مع بدء العام الدراسي أن القرار يمنحهم فرصة فعلية لاستكمال تعليمهم، اشتكى آخرون من أنه يمنعهم من الاستفادة من مرسوم الترفع الإداري رقم (192)، الذي أصدره الرئيس الشرع مطلع الشهر الجاري، ويتيح انتقال الطالب إلى السنة الأعلى إذا كان يحمل ثماني مقررات على الأكثر للعام الدراسي 2024-2025.
وأوضح بعض الطلبة أن توقيت العودة للفصل الثاني سيؤدي إلى تجاوزهم الحد المسموح من المواد، وبالتالي حرمانهم من ميزة الترفع الإداري.
وأشارت شهادات طلابية إلى وجود تضارب بين القرارات والمراسيم، إذ يُسمح بتعويض الامتحانات العملية في الفصل الأول فقط، دون الفصل الثاني، ما وصفوه بأنه خلل في صياغة وتطبيق السياسات التعليمية.
وقال عميد إحدى الكليات التطبيقية في جامعة الفرات لموقع تلفزيون سوريا إن القرار “يفتقر إلى منطق أكاديمي موحّد”، مؤكداً أن غياب التنسيق بين المستويات الإدارية داخل الوزارة والجامعات يؤدي إلى قرارات متناقضة تربك العملية التعليمية.
وتعزو مصادر أكاديمية هذه الإشكالات إلى البيروقراطية المتجذرة في مؤسسات التعليم العالي السورية، حيث ما تزال الهياكل الإدارية تعمل بأساليب تقليدية تفتقر إلى المرونة المطلوبة لمواكبة التطورات الأكاديمية العالمية.
وتوقّع مراقبون أن تجري وزارة التعليم العالي تعديلات على القرار في الأسابيع المقبلة لتوضيح آلية تطبيقه وتوحيد المعايير بين الكليات.