تواجه الجالية السورية في ألمانيا خيارات صعبة بشأن مستقبلها، في ظل تغيرات سياسية في سوريا وتحديات معيشية في بلد اللجوء.
وبينما يبدي البعض رغبة حذرة في العودة، يفضل معظمهم البقاء، رغم العروض المالية التي تقدمها الحكومة الألمانية لتشجيع العودة الطوعية.
تشير بيانات بلدية مدينة دريسدن إلى أن من بين أكثر من 7 آلاف سوري يقيمون فيها، لم يتقدم سوى أربعة أشخاص بطلبات للعودة إلى سوريا، رغم برنامج ألماني يشمل نفقات السفر ومنحة تصل إلى 1200 يورو لبدء مشروع صغير.
يواجه السوريون في ألمانيا صعوبات تتعلق بالتكيف الثقافي وتعلم اللغة، فضلاً عن القلق من احتمال سحب الحماية القانونية المقدمة لهم.
في المقابل، يرى بعضهم أن العودة قد تشكل فرصة لإعادة بناء حياتهم، إذا ما استقرت الأوضاع في سوريا، رغم أن الواقع الميداني لا يزال معقداً.
يقول الصحفي السوري عبد الرزاق صبيح، إن المئات من السوريين في ألمانيا عادوا بالفعل خلال الفترة الأخيرة، ومعظمهم ممن لم يتمكنوا من جمع شمل أسرهم أو لم يحصلوا على إقامة رسمية، في ظل قرار وزارة الداخلية الألمانية بوقف لم الشمل، وتزايد صعوبة الحصول على إقامة بعد العام 2024.
يرى صبيح أن العنصرية لا تزال هاجساً لدى بعض العائلات السورية، لكنها غالباً ما تقتصر على مضايقات لفظية في ظل وجود قوانين رادعة، ما يجعل تأثيرها محدوداً نسبياً.
شاب سوري مقيم في برلين عبّر عن رغبته في العودة منذ ما سمّاه "تحرير البلاد"، لكنه أشار إلى أن الأوضاع لا تزال غير مهيأة، بسبب دمار قريته في ريف إدلب الشرقي، وحاجته لمبالغ مالية كبيرة لإعادة بناء منزله وتأمين مستقبل أولاده الذين يتلقون حالياً تعليماً جيداً في ألمانيا.
ورغم الصعوبات، يقدّر صبيح نسبة الراغبين في العودة بنحو 20% فقط، معظمهم ممن وصلوا بعد عام 2020، ويُعانون من عدم الاندماج وصعوبات اللغة والعمل.
بينما يُعتبر وضع السوريين الذين وصلوا بين عامي 2015 و2017 أكثر استقراراً، إذ حصل كثير منهم على الجنسية، واستقر أولادهم في المدارس والجامعات، واندمجوا نسبياً في المجتمع.
تبقى العودة إلى سوريا خياراً صعباً بالنسبة لغالبية اللاجئين، لاسيما أن كثيراً منهم من مناطق خارجة عن سيطرة النظام، ولا تزال تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية من ماء وكهرباء وخدمات. كما يعتمد قسم كبير من العائلات هناك على تحويلات مالية من ذويهم في الخارج.
ويظل مستقبل السوريين في ألمانيا معلّقاً بين ضغوط الواقع وتغيرات السياسة، سواء في سوريا أو مع صعود اليمين المتطرف في أوروبا.