بدأت السلطات السورية تنفيذ سلسلة من الإجراءات الطارئة لإصلاح شبكات المياه والمنشآت الحيوية في العاصمة دمشق، مع تحذيرات متزايدة من أزمة مياه قد تكون الأشد في السنوات الأخيرة، بالتزامن مع اقتراب فصل الصيف.
ويرتبط هذا التحرك بتراجع حاد في تدفق مياه نبع عين الفيجة، الذي شهد انخفاضًا كبيرًا في الكمية المتدفقة، حيث تراجعت إلى ثلاثة أمتار مكعبة في الثانية بعد أن كانت تتجاوز ستة أمتار في السنوات الماضية.
وحذر خبراء المياه من أن هذا التراجع قد يؤدي إلى أزمة حادة في إمدادات المياه، ما قد يهدد حياة المواطنين في العاصمة وضواحيها.
ومن جانبه، أبدى العديد من المواطنين قلقهم من عودة تقنين المياه لساعات طويلة، على غرار ما حدث في صيف عام 2023، عندما تجاوزت ساعات الانقطاع في بعض الأحياء 20 ساعة يومياً.
كما أعرب أصحاب المحال التجارية عن خشيتهم من أن تؤثر الأزمة المائية القادمة على الأنشطة الاقتصادية، خاصة في القطاعات التي تعتمد بشكل كبير على المياه في عمليات الإنتاج أو التنظيف.
في هذا السياق، أعلنت الجهات المعنية عن اتخاذ جملة من الإجراءات بالتنسيق مع الوزارات والمؤسسات العامة، التي تهدف إلى التخفيف من حدة الأزمة وضمان توفير المياه لجميع المستهلكين، وإن كانت الكميات المتوفرة لن تكون كافية كما في الأعوام السابقة.
نقص الأمطار يفاقم الأزمة
وفي تصريح خاص لموقع "تلفزيون سوريا"، قال المهندس أحمد درويش، مدير عام مؤسسة مياه الشرب في محافظتي دمشق وريفها، إن "مدينة دمشق وريفها يعتمد بشكل رئيسي على نبع عين الفيجة، الذي يشكل 70% من إمدادات المياه، ولكن نسبة الأمطار لهذا العام لم تتجاوز 33% من المعدل السنوي، ما يعني أن كمية المياه القادمة من النبع ستكون في أدنى مستوياتها".
وأشار درويش إلى أن "في السنوات العادية، كان نبع عين الفيجة يغطي احتياجات المدينة والريف المحيط، مما يجعل من الممكن الاستغناء عن الآبار الثانوية مثل بردى وحاروش ووادي مروان وجديدة يابوس.
لكن هذا العام، بسبب ضعف الهطولات المطرية، لا يمكن الاستغناء عن أي من هذه المصادر، ما يعني أن استجرار المياه من كافة المصادر سيستمر بشكل قسري، مما قد يؤدي إلى مزيد من النقص في مناسيب المياه في الأحواض".
الإجراءات الحكومية لمواجهة الأزمة
وفي إطار مواجهة هذه الأزمة، أكدت وزارة الموارد المائية على أهمية الاستفادة من كل الموارد المتاحة، بما في ذلك تكثيف استخدام الآبار الجوفية وزيادة كفاءة الشبكات لتقليل الفاقد من المياه.
كما تم إطلاق مشاريع لتوسيع مصادر المياه في بعض المناطق الأخرى، رغم أن هذه الإجراءات لن تكون كافية لتعويض النقص الكبير في المياه.
ومع استمرار هذه الأزمة، يبقى السؤال مفتوحًا حول مدى قدرة الحكومة على مواجهة تحديات نقص المياه في المستقبل، خاصة مع تزايد الضغوط على الموارد الطبيعية في البلاد.