أزياء وجمال

حقيقة الحملة الصينية على الماركات العالمية: صراع تجاري أم كشف للزيف؟

حقيقة الحملة الصينية على الماركات العالمية: صراع تجاري أم كشف للزيف؟

من تيك توك إلى حرب الأسواق الفاخرة: هل تصنع الصين "بيركين" بجودة أوروبا؟


في زمن ترتفع فيه أسعار الحقائب الفاخرة إلى مستويات خيالية، خرج رجل صيني على تيك توك يدّعي أن بإمكانه تصنيع حقيبة "بيركين" الشهيرة بجودة مماثلة، لكن بتكلفة لا تتجاوز 1400 دولار.

المقطع حقق ملايين المشاهدات، وانتشر كالنار في الهشيم، مُطلقاً حملة إعلامية تشكّك في القيمة الحقيقية للمنتجات الفاخرة.


تفكيك "الخرافة": هل يمكن تقليد "بيركين" حقًا؟


رغم أن الرجل عرض تفصيلاً دقيقاً لتكلفة الخامات (جلد، خيوط، فولاذ)، إلا أن ما تجاهله هو الأهم: الصنعة اليدوية النادرة التي تُنفّذ بـ"غرزة السرج"، وهي تقنية دقيقة ومعقدة لا يتقنها سوى حرفيو "هيرميس" بعد سنوات من التدريب.


إضافةً إلى ذلك، فإن "بيركين" ليست مجرد حقيبة، بل قطعة فنية مشبعة بتاريخ عريق يمتد لأكثر من قرن. تصميمها الأيقوني لم يظهر بالصدفة، بل وُلد من حوار عابر بين الممثلة جين بيركين ومدير "هيرميس" التنفيذي، وأصبح منذ ذلك الحين رمزاً للرفاهية والذوق الرفيع.


العلامة أهم من المنتج؟


سؤال منطقي يطرحه كثيرون: هل السعر الباهظ لحقيبة "بيركين" سببه الجودة أم الاسم التجاري؟ الحقيقة أن جزءاً كبيراً من قيمتها يرتبط بالندرة المصطنعة، وقوائم الانتظار الطويلة، والشعور بالتميّز الذي تمنحه لصاحبها. هذه ليست مجرد حقيبة.. إنها رمز.


لماذا فشلت الحملة الصينية في توجيه الغضب نحو الهدف الصحيح؟


بدلاً من أن تستثمر الصين في الترويج لعلاماتها الخاصة، ذهبت الحملة لتقليد العلامات الغربية وفضح ما وصفته بـ"خداع الأسواق الأوروبية".

لكن هذا الخطاب، رغم صخبه، لم يُثمر سوى موجة ترند عابرة.


المفارقة أن شركات آسيوية مثل "يونيكلو" نفسها تعرّضت للنسخ من شركات صينية مثل "شين"، رغم أن منتجاتها لا تتجاوز 15 دولاراً. هذا يثبت أن ضحايا التقليد ليسوا فقط في الغرب، بل أيضاً في آسيا نفسها.


الفرصة الضائعة: الصين تمتلك المهارة.. فمتى تأتي الأصالة؟


المواهب الصينية حقيقية، لكن السؤال الذي لم يُطرح هو: لماذا لا تبتكر الصين ماركاتها الفاخرة الخاصة؟ لماذا تظل تلعب دور البديل الرخيص، بينما تملك القدرة على خلق هويتها الجمالية والثقافية؟


بدلاً من مهاجمة العلامات الغربية، كان الأولى بالحملة أن تُسلّط الضوء على جودة الصناعة الصينية وقدرتها على تقديم "منتجات أصيلة" تنافس بجودتها، لا فقط بسعرها.


الخلاصة: من سيربح معركة الوعي؟


المعركة اليوم لم تعد فقط حول من يبيع أكثر، بل من يقنع الناس بقيمته الحقيقية. وبين موضة التفاخر وموجة التحدي الصيني، هناك مساحة فارغة تنتظر جيلاً جديداً من المصممين الآسيويين الذين يملكون الشغف والمهارة لصناعة موضة تعكس هويتهم، لا فقط تُقلد غيرهم.


الحملة الصينية كشفت لنا شيئاً مهماً: آن الأوان للبحث عن بدائل حقيقية، ذات جودة وأصالة.. لا شعارات فارغة.


google-news تابعوا آخر أخبار وكالة السوري الإخبارية عبر Google News

مقالات متعلقة