قراءة في تطورات الموقف الأمريكي تجاه سوريا بتاريخ 10 أبريل 2025
أثار تعديل الولايات المتحدة لوضع البعثة السورية في الأمم المتحدة تساؤلات واسعة حول ما إذا كانت واشنطن بصدد تغيير موقفها من الحكومة السورية الجديدة.
حيث ألغت الخارجية الأمريكية تأشيرات "جي 1" للدبلوماسيين السوريين المعتمدين، واستبدلتها بتأشيرات "جي 3"، المخصصة لبعثات حكومية غير معترف بها أمريكيا.
خطوة إدارية أم تحول سياسي فعلي؟
الخطوة جاءت دون إعلان رسمي، ما فتح الباب أمام التفسيرات المتعددة، خاصة بعد أن فسرتها وسائل إعلام عربية على أنها تراجع أمريكي عن الاعتراف بالحكومة السورية المؤقتة.
بينما تجاهلت وسائل الإعلام الأمريكية هذا الحدث، وامتنعت الخارجية الأمريكية عن تقديم بيان واضح يشرح ما جرى.
موقف أمريكي متحفظ... ورسائل غير مباشرة
المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، أكدت أن الحكومة السورية الحالية لم تلبِ بعد توقعات واشنطن، مشيرة إلى أن هناك حاجة لاتخاذ خطوات ملموسة في قضايا مثل حقوق الإنسان وبناء حكومة شاملة.
كما أوضحت أن الولايات المتحدة تتابع التطورات ولن تتخذ قرارات جديدة قبل مراجعة أداء الحكومة السورية.
دمشق تعتبرها خطوة إدارية... لكن التوقيت يثير التساؤل
مصدر مسؤول في الخارجية السورية صرح بأن القرار الأمريكي "فني وإداري"، ولا يعكس تغييراً سياسياً في الموقف من الحكومة.
إلا أن التوقيت الحساس لهذه الخطوة يشير إلى أنها جزء من سياسة ضغط أوسع، تهدف إلى دفع الحكومة الجديدة نحو تنفيذ شروط معينة.
شروط أمريكية معلنة مقابل تخفيف العقوبات
واشنطن سبق أن وضعت مجموعة من الشروط على الحكومة السورية المؤقتة، من بينها:
- القضاء على الإرهاب والتنظيمات المتطرفة
- منع تدخل الميليشيات المدعومة من إيران
- إخراج المقاتلين الأجانب من المناصب الرسمية
- التعاون في ملف المفقودين الأمريكيين
- احترام حقوق الأقليات وضمان الحريات الدينية والمدنية
دعم مشروط لعملية الانتقال السياسي
في كلمة لها أمام مجلس الأمن نهاية مارس الماضي، أعربت السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، دوروثي شيا، عن قلق بلادها من بطء عملية الانتقال السياسي في سوريا.
كما رحبت باتفاق تم التوصل إليه مع قوات سوريا الديمقراطية لدمج مناطق الشمال الشرقي ضمن سوريا موحدة، لكنها شددت على ضرورة بناء هيكل أمني مشترك يضمن الاستقرار ويمنع عودة الجماعات المتطرفة.
تحذيرات أمنية وتقييد في السفر
تزامنا مع هذه الخطوة، أصدرت الخارجية الأمريكية تحذيرات من وقوع هجمات محتملة داخل سوريا، وخاصة في العاصمة دمشق.
كما أكدت استمرار حظر السفر إلى سوريا بسبب ما وصفته بالمخاطر الكبيرة التي تشمل الإرهاب والاضطرابات والاحتجاز العشوائي.
اتصالات مباشرة... وأول لقاء رفيع بين واشنطن ودمشق
خلال مؤتمر المانحين في بروكسل الشهر الماضي، عقد أول لقاء مباشر رفيع المستوى بين مسؤولين أمريكيين وسوريين منذ تولي الرئيس دونالد ترمب ولايته الجديدة.
تم خلال اللقاء نقل مطالب أمريكية تتعلق بتوزيع المناصب وضرورة منع الأجانب من تولي مناصب سيادية.
سياسة أمريكية جديدة: لا انسحاب ولا اعتراف كامل
يبدو أن واشنطن تسير نحو سياسة "الانخراط الانتقائي"، أي لا تعترف كلياً بالحكومة، ولا تنسحب كلياً من الملف السوري.
بل تعتمد على الضغط السياسي المشروط، مع إبقاء الأبواب مفتوحة أمام التفاوض والتواصل المباشر.
مؤشرات إضافية على التغير
وفق تقرير للكونغرس الأمريكي، كثفت القوات الأمريكية هجماتها ضد داعش في سوريا منذ نهاية عام 2024، كما بدأت تعيد النظر في سياسة العقوبات من خلال منح استثناءات إنسانية لتسهيل وصول المساعدات.
كل ذلك يعكس تغيراً تدريجياً في النهج الأمريكي.
موقف الأمم المتحدة لم يتغير
رغم خفض واشنطن للوضع القانوني للبعثة السورية، أكدت الأمم المتحدة أن هذه الخطوة لا تؤثر في عضوية سوريا داخل المنظمة، حيث تبقى المسألة ضمن اختصاص الدول الأعضاء وليس الأمم المتحدة نفسها.
بينما لا توجد حتى الآن مؤشرات رسمية على تغيير شامل في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، إلا أن التحركات الأخيرة تحمل إشارات واضحة على أن واشنطن تسعى لتوجيه مسار الحكومة الجديدة من خلال الضغط غير المباشر، وربما تمهيداً لتغيير أكبر في المستقبل.
هل ترى أن الولايات المتحدة فعلاً في طريقها لتغيير موقفها من الحكومة السورية؟ وما تأثير ذلك على المشهد السوري؟ شاركنا رؤيتك.