أخبار

سوريا و"دبلوماسية الكهرباء": كيف تتحول الطاقة إلى ورقة سياسية في المنطقة؟

سوريا و"دبلوماسية الكهرباء": كيف تتحول الطاقة إلى ورقة سياسية في المنطقة؟


في ظل معاناة سوريا من أزمة كهرباء خانقة، بدأت ملامح دبلوماسية جديدة تتشكل حول الطاقة، حيث لم تعد الكهرباء مجرد خدمة أساسية، بل أصبحت أداة استراتيجية لإعادة رسم المشهد السياسي والاقتصادي في المنطقة.

وبينما يحصل معظم السوريين على أقل من ثلاث ساعات من الكهرباء يوميًا، تحول قطاع الطاقة المدمر إلى عائق أساسي أمام التعافي الاقتصادي، وساحة جديدة للمنافسة السياسية الإقليمية.  


من تصدير الطاقة إلى الاعتماد على الخارج


بعد أكثر من عقد من الحرب والعقوبات، انتقلت سوريا من كونها مصدرًا للطاقة إلى مستورد يعتمد على الاتفاقات الخارجية.

التخفيف الجزئي للعقوبات الأمريكية في يناير الماضي سمح لسوريا بتوقيع اتفاقيات مع دول مجاورة، مثل الأردن وتركيا، لتأمين جزء من احتياجاتها الكهربائية.

هذا التحول يبرز كيف أصبحت الكهرباء مدخلًا للتعاون الإقليمي، وفرصة لإعادة إدماج سوريا في المشهد السياسي العربي والدولي.  


الأردن وسوريا: المصالح السياسية والاقتصادية تتلاقى


الأردن، الذي يسعى لتعزيز مكانته كمركز إقليمي للطاقة، بدأ بتزويد سوريا بالكهرباء بعد إعادة تأهيل شبكات النقل.

هذه الخطوة تعكس تقاطع المصالح، حيث تستفيد دمشق من زيادة الإمدادات الكهربائية، بينما يعزز الأردن نفوذه الإقليمي من خلال "دبلوماسية الكهرباء".

كما يتماشى هذا التحرك مع استراتيجيته الوطنية لإعادة ربط شبكاته الكهربائية بجيرانه، بما في ذلك العراق وسوريا ولبنان، ضمن مشروع إقليمي لتبادل الطاقة.  


تركيا وسفن الطاقة العائمة: نفوذ متزايد في شمال سوريا


على عكس الأردن، اختارت تركيا تزويد سوريا بالكهرباء من خلال سفن توليد الطاقة العائمة، وهو نموذج استخدمته سابقًا في لبنان وأوكرانيا ودول أخرى.

هذا الحل السريع يتيح لأنقرة تعزيز وجودها في شمال سوريا، حيث تحتفظ بنفوذ عسكري وسياسي.

كما أن تطوير مشاريع الطاقة المشتركة يمكن أن يفتح الباب أمام توسيع نفوذ تركيا في سوق الطاقة الإقليمية، وربما استخدام بنيتها التحتية لربط منتجي الغاز الإقليميين بأوروبا.  


هل تصبح الكهرباء أداة لتحقيق الاستقرار؟


مع ازدياد التوجه نحو استخدام الطاقة كوسيلة للنفوذ السياسي، يبرز تساؤل مهم: هل يمكن أن تساهم "دبلوماسية الكهرباء" في تحقيق الاستقرار الإقليمي، أم أنها ستفتح بابًا جديدًا للصراعات الجيوسياسية؟ في ظل الأزمات المستمرة في سوريا والعراق ولبنان، قد تكون الكهرباء قوة استقرار، عبر تعزيز التعاون الإقليمي وتخفيف الاعتماد على مورد واحد للطاقة.  


في النهاية، قد لا تحل بضع اتفاقيات أو مشاريع طاقة أزمة الكهرباء في سوريا بالكامل، لكنها بالتأكيد تمهد الطريق لسوق إقليمية جديدة، حيث تصبح الطاقة أكثر من مجرد مورد اقتصادي، بل أداة دبلوماسية تعيد تشكيل العلاقات السياسية في الشرق الأوسط.

google-news تابعوا آخر أخبار وكالة السوري الإخبارية عبر Google News

مقالات متعلقة