اقتصاد

الليرة التركية في سوريا: أزمة اقتصادية أم ضرورة مرحلية؟

الليرة التركية في سوريا: أزمة اقتصادية أم ضرورة مرحلية؟


تشهد الأسواق السورية تزايدًا في التعامل بالليرة التركية، مما يثير جدلاً واسعًا حول تداعيات هذه الظاهرة على الاقتصاد السوري.

في ظل الأوضاع الاقتصادية المتردية، أصبح تداول الليرة التركية خيارًا أساسيًا في مناطق الشمال السوري، حيث يتقاضى معظم الموظفين رواتبهم بها، ويتم استخدامها في عمليات البيع والشراء.  


كيف دخلت الليرة التركية إلى سوريا؟

بحسب مدير سياسة الضريبة في هيئة الضرائب والرسوم، محمود الناصر، فإن ضخ العملة التركية في سوريا يتم عبر مراكز البريد التركي المنتشرة في 11 مدينة شمالية، مثل جرابلس، الباب، عفرين، أعزاز، تل أبيض، ورأس العين.

وتُستخدم هذه الآلية لدفع رواتب الموظفين في الحكومة المؤقتة، التي تتراوح بين 240 و400 دولار بالليرة التركية، فيما تصل رواتب العاملين في المنظمات إلى 1400 دولار.  


التضخم المستورد.. خطر يهدد الاقتصاد السوري

يحذر خبراء اقتصاديون من أن التعامل بالليرة التركية قد يؤدي إلى استيراد التضخم والمشاكل الاقتصادية من تركيا إلى سوريا.

فالاقتصاد التركي يعاني من معدلات تضخم مرتفعة، ما يجعل استخدام الليرة التركية مصدرًا إضافيًا للضغوط الاقتصادية على السوريين، إضافة إلى استمرار انخفاض قيمة الليرة السورية أمام العملات الأجنبية.  


ويؤكد عميد كلية الاقتصاد في جامعة دمشق، علي كنعان، أن القانون النقدي في سوريا يمنع تداول أي عملة أجنبية، مشيرًا إلى أن غياب القيود على تصريف العملات الأجنبية أدى إلى ارتفاع المضاربات على الليرة السورية ونقص السيولة، مما اضطر المواطنين إلى اللجوء إلى مدخراتهم أو طلب المساعدات من الخارج.  


هل تفقد سوريا سيادتها المالية؟

تعدد العملات الأجنبية في السوق السورية خلق تحديات اقتصادية معقدة، حيث أدى إلى اختلاف الأسعار بين المناطق وصعوبة التحكم في آليات التسعير.

ومع دخول الليرة التركية إلى التداول، شهدت الأسواق السورية ارتفاعًا غير متوقع في الأسعار، مما زاد من الأعباء المعيشية على المواطنين.  


يرى خبراء ماليون أن استمرار الاعتماد على الليرة التركية قد يفقد سوريا استقلالها المالي، حيث تصبح التبعية للاقتصاد التركي أمرًا واقعًا، مما قد يضعف قدرة الحكومة السورية على إدارة السياسة النقدية، ويجعل البلاد عرضة للتقلبات الاقتصادية الخارجية.  


ما الحل؟

يشدد الخبراء على ضرورة إعادة الثقة بالليرة السورية وتنظيم عمليات تداول العملات الأجنبية، إضافة إلى تمويل البنوك وضبط الصرافين، لمنع المضاربات التي تؤدي إلى مزيد من الانهيار الاقتصادي.

كما يتم اقتراح إصدار فئات نقدية جديدة مثل 10 آلاف و25 ألف ليرة سورية، لتسهيل التداول وتقليل الاعتماد على العملات الأجنبية.  


الخلاصة

رغم أن التعامل بالليرة التركية يبدو حلًا مؤقتًا في بعض المناطق السورية، إلا أن مخاطره الاقتصادية على المدى الطويل تفوق فوائده.

فبدلاً من أن يكون الحل في استيراد عملة أجنبية، يجب التركيز على إصلاح الاقتصاد المحلي وإعادة بناء الثقة بالنظام المصرفي، لضمان استقرار السوق وعدم فقدان السيطرة على السياسة النقدية في البلاد.

google-news تابعوا آخر أخبار وكالة السوري الإخبارية عبر Google News

مقالات متعلقة