أعلن المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، أن المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، غير بيدرسون، سيعود إلى دمشق هذا الأسبوع لاستكمال لقاءاته مع مسؤولي حكومة تصريف الأعمال السورية وممثلين من مختلف فئات المجتمع السوري.
وأوضح دوجاريك في المؤتمر الصحفي اليومي بمقر الأمم المتحدة، أن زيارة بيدرسون تأتي عقب مشاركته في مؤتمر ميونخ للأمن، حيث أجرى مناقشات مع مسؤولين رفيعي المستوى من سوريا وفرنسا وألمانيا والعراق والإمارات العربية المتحدة.
وأكد بيدرسون في محادثاته على ضرورة دعم المجتمع الدولي للعملية السياسية بقيادة السوريين أنفسهم، بما يضمن الاستقرار في البلاد.
كما شارك في مؤتمر جانبي ضمن الفعالية تناول قضايا المرأة والسلام والأمن، حيث دعا جميع الأطراف في سوريا إلى الالتزام بالاتفاقات الدولية واحترام حقوق المرأة، وضمان مشاركتها الفاعلة في بناء المستقبل عبر تأمين التعليم وحرية التنقل والتمثيل السياسي والحماية من العنف والاستغلال.
تأتي زيارة بيدرسون في وقت حساس، بعد التغيرات الجذرية التي شهدتها سوريا عقب سقوط نظام بشار الأسد وهروبه إلى روسيا.
وقد أعلنت القيادة الجديدة أنه لم يعد من الممكن تطبيق القرار الأممي 2254 بالشكل الذي تم اعتماده سابقًا، مشيرة إلى أن هذا القرار كان يعتمد على مرحلة سابقة لم تعد قائمة بعد انهيار النظام القديم.
وفي هذا الإطار، تواصل الحكومة السورية الانتقالية مسارًا مغايرًا للتسوية السياسية، يركز على الحوار الداخلي بين مكونات الشعب السوري وإعادة تشكيل المؤسسات السياسية والعسكرية لتتناسب مع التطورات الحالية.
ورغم استمرار الأمم المتحدة في الدفع بالحلول وفق القرارات الدولية، فإن الواقع الجديد يفرض إعادة النظر في آليات التنفيذ بما يتماشى مع معطيات المرحلة الانتقالية.
تزامنًا مع ذلك، انطلقت أعمال اللجنة التحضيرية لمؤتمر الحوار الوطني السوري، الذي عقدت أولى جلساته في مدينة حمص، بهدف التحضير لمؤتمر شامل يناقش مستقبل سوريا في مرحلة الانتقال السياسي، بعيدًا عن الأطر السابقة التي لم تحقق تقدمًا ملموسًا.
التحديات التي تواجه بيدرسون في ظل الرفض الكردي والتباينات الداخلية
يواجه بيدرسون مهمة شاقة في ظل التحديات الداخلية والخلافات المتزايدة بين القوى الفاعلة على الأرض، ما يجعل دفع العملية السياسية أكثر تعقيدًا.
بعد سقوط نظام الأسد وهروب بشار الأسد إلى روسيا، تغيرت موازين القوى بشكل جذري، مما فرض واقعًا جديدًا على المسار السياسي.
رفض قسد لمؤتمر الحوار الوطني
من أبرز التحديات التي تواجه بيدرسون موقف "الإدارة الذاتية" التابعة لـ"قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي رفضت الاعتراف بمشروعية مؤتمر الحوار الوطني السوري.
ورأت قسد أن تشكيل اللجنة التحضيرية خطوة غير كافية وتعكس قصورًا في عملية التحول الديمقراطي.
كما اعتبرت أن عدم إشراكها في الحوار هو محاولة لتهميش حوالي خمسة ملايين سوري يعيشون في مناطق سيطرتها، معلنة أن أي قرارات تصدر عن المؤتمر لن تكون ملزمة لها.
وتتزامن هذه المواقف مع التصعيد العسكري في شمال وشرق سوريا، حيث تتعرض "قسد" لضغوط متزايدة من فصائل الجيش الوطني السوري.
موقف السويداء الغامض
إلى جانب الرفض الكردي، يضاف الموقف غير الواضح من محافظة السويداء، مما يعقد مهمة بيدرسون أكثر. حيث لم تتبن القوى الفاعلة هناك موقفًا محددًا بشأن مشاركتها في العملية السياسية الجديدة، مطالبين بالحكم اللامركزي وضمانات واضحة قبل قبول أي تسوية سياسية.
مخاوف الأقليات: العلويون والمسيحيون في حالة ترقب
شهدت الطائفتان العلوية والمسيحية تغيرات كبيرة بعد سقوط النظام، ما أثار مخاوف من مستقبل هذه المكونات في سوريا الجديدة.
الطائفة العلوية، التي كانت تشكل قاعدة النظام السابق، تجد نفسها أمام واقع جديد بعد انهيار النظام. أما المسيحيون، فيواجهون تحديات مماثلة حول ضمان تمثيلهم السياسي في المرحلة الانتقالية وحمايتهم الاجتماعية.
رغم محاولات الحكومة الجديدة طمأنة هذه المكونات بشأن دورها المستقبلي، إلا أن غياب رؤية واضحة يثير مخاوف التهميش، مما يعيق مشاركتهم في أي حوار سياسي.
في ظل هذه التحديات، تصبح مهمة بيدرسون أكثر تعقيدًا، حيث يتطلب الوضع معالجة الانقسامات العميقة داخل سوريا وضمان تمثيل حقيقي لكافة المكونات، مع حماية هذه المرحلة الانتقالية من الاستغلال لتحقيق مكاسب ضيقة.
تابعوا آخر أخبار وكالة السوري الإخبارية عبر Google News
