في خطوة هامة نحو تحسين الوضع الاقتصادي في سوريا، أعلنت كريستالينا غورغييفا، المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي، استعداد الصندوق لدعم الاقتصاد السوري بعد انقطاع دام 16 عامًا.
هذه التصريحات تأتي في وقت حساس، حيث يواجه الاقتصاد السوري تحديات جسيمة بفعل الحرب والعقوبات الاقتصادية التي أثرت بشكل كبير على النمو الاقتصادي في البلاد.
تواصل جديد بعد انقطاع طويل
في مقابلة مع قناة "الشرق" خلال فعاليات "مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة" في السعودية، قالت غورغييفا إن التواصل مع المسؤولين السوريين قد بدأ بالفعل، وذلك بهدف تقديم الدعم للمؤسسات الرئيسية في سوريا، بما في ذلك مصرف سوريا المركزي، والذي يحتاج إلى دعم لبناء قدراته وتمكينه من العمل بكفاءة لتلبية احتياجات الشعب السوري.
وأكدت غورغييفا أن هذا التواصل سيكون له دور محوري في سد الفجوة المعلوماتية التي نشأت بعد سنوات من الانقطاع، مما سيساعد الصندوق في تقديم الدعم المناسب الذي يساهم في استقرار الاقتصاد السوري.
الأزمة الاقتصادية والتحديات الحالية
تعاني سوريا من أزمات اقتصادية حادة، حيث تراجع الناتج المحلي الإجمالي من 60 مليار دولار قبل عام 2010 إلى أقل من 6 مليارات دولار في عام 2024.
وتشير التقارير إلى أن تكلفة إعادة إعمار سوريا قد تتجاوز 300 مليار دولار، وهو مبلغ ضخم يفوق الناتج المحلي الإجمالي للبلاد حتى قبل الحرب.
تواجه الحكومة السورية أيضًا تحديات في تأمين تمويل لإعادة بناء البنية التحتية والاقتصاد بشكل عام، ويبدو أن الدعم الدولي، بما في ذلك من صندوق النقد الدولي، سيكون ضروريًا لمساعدتها في تحقيق الاستقرار الاقتصادي وبدء عملية التعافي.
خطة اقتصادية استراتيجية لسوريا
من جانبها، صرح الرئيس السوري أحمد الشرع في وقت سابق أن الحكومة بصدد وضع خطة اقتصادية استراتيجية تهدف إلى إعادة تشكيل الاقتصاد السوري بعيدًا عن النهج الاشتراكي الذي ساد لفترة طويلة.
وأوضح أن هناك فريقًا اقتصاديًا من السوريين داخل البلاد وخارجها يعمل على وضع خطة استراتيجية لعشر سنوات تركز على تحقيق التنمية المستدامة وتحسين الوضع الاقتصادي العام.
الخطوات المقبلة وتوقعات المستقبل
حول سؤال عن مدى سرعة تنفيذ هذه الخطوات، أكدت غورغييفا أن الصندوق جاهز للتحرك بسرعة، ولكن الأمر يعتمد على السلطات في دمشق وكيفية تحديدها لوتيرة التواصل والإجراءات.
وأضافت أن "سوريا دولة مهمة للغاية لشعبها وللمنطقة بأكملها"، وأن صندوق النقد الدولي مستعد لدعمها بما يتماشى مع الظروف المحلية.
التحديات الاقتصادية العالمية
في إطار هذا الحديث، من المهم أيضًا ملاحظة أن "مؤتمر العلا لاقتصادات الأسواق الناشئة" يُعد منصة حيوية لبحث التحديات الاقتصادية العالمية، حيث يجمع الوزراء وكبار المسؤولين الاقتصاديين من الدول النامية لمناقشة الحلول الاقتصادية وفرص النمو في الأسواق الناشئة.
خلاصة
إن خطوة صندوق النقد الدولي في إعادة التواصل مع سوريا تمثل بارقة أمل في وقت تعاني فيه البلاد من أزمات اقتصادية معقدة. ومع استعداد الصندوق لتقديم الدعم، يبقى السؤال حول كيفية استجابة السلطات السورية ومدى سرعة تطبيق هذه الخطط في المستقبل القريب.
من هنا، يبقى الأمل في أن يؤدي هذا التعاون الدولي إلى تحقيق نتائج ملموسة تساعد سوريا في تخطي تحدياتها الاقتصادية والعمل على استعادة الاستقرار والنمو في السنوات القادمة.