اقتصاد

تعديل سعر الصرف الرسمي لليرة السورية يفشل في التأثير على السوق الموازية – ما الأسباب والتداعيات؟

تعديل سعر الصرف الرسمي لليرة السورية يفشل في التأثير على السوق الموازية – ما الأسباب والتداعيات؟


لم يكن للتعديلات الطفيفة التي أجراها مصرف سوريا المركزي على سعر الصرف الرسمي لليرة السورية مقابل الدولار تأثير يذكر على تعاملات السوق الموازية، حيث استمرت الأسعار في مسارها المعتاد دون تغيير ملحوظ.  


خفض جديد في السعر الرسمي دون تأثير ملموس


بعد أكثر من شهر من استقرار سعر الصرف الرسمي، خفّض المصرف المركزي سعر الليرة في نشرته الخاصة بالمصارف والصرافة، وكذلك في النشرة الرسمية، حيث تم تحديد سعر شراء الدولار عند ثلاثة عشر ألفًا ومئتي ليرة، وهو نفس السعر المعتمد لشراء دولار الحوالات الخارجية، فيما تم تحديد سعر البيع عند ثلاثة عشر ألفًا وثلاثمئة واثنتين وثلاثين ليرة، والسعر الوسطي عند ثلاثة عشر ألفًا ومئتين وستة وستين ليرة.  


وبذلك، تكون الليرة السورية قد خسرت واحدًا ونصف في المئة من قيمتها مقابل الدولار وفق السعر الرسمي، وهو إجراء يبدو أنه يستهدف خفض سعر الليرة في السوق الموازية.

إلا أن السوق السوداء لم تتجاوب مع هذا التغيير، وبقيت أسعار الصرف مستقرة نسبيًا خلال تعاملات يوم الاثنين.  


لماذا لم يتراجع سعر الليرة في السوق الموازية؟


يرى مراقبون أن السبب الرئيسي لعدم تأثر السوق الموازية هو أن سياسة المصرف المركزي لم تتغير، حيث يواصل الامتناع عن بيع وشراء العملات للمواطنين، كما لا تلتزم المصارف وشركات الحوالات بالسعر الرسمي، ما يجعل التسعير الفعلي بعيدًا عن قرارات المركزي.  


وفي تعليق له على نشرة الأسعار الصادرة عن المركزي، كتب الخبير الاقتصادي جورج خزام في الصفحة الرسمية للمصرف على فيسبوك أن "سعر صرف الدولار بالمصرف المركزي هو بيع وشراء للوهم لا أكثر".  


تصريحات حكومية حول تقلبات الليرة


من جانبه، صرّح وزير الاقتصاد باسل عبد الحنان لصحيفة الوطن المحلية يوم الجمعة، أن التقلبات الحادة في سعر الصرف سببها المضاربات التجارية، مؤكدًا أن الأسعار الحالية "وهمية"، وأن المصرف المركزي والجهات المعنية ستتدخل لتثبيت سعر الصرف.  


أثر السياسة النقدية على استقرار الليرة


يرى خبراء اقتصاديون أن المصرف المركزي يتحمّل مسؤولية التذبذب في سعر الصرف بسبب سياسة حبس السيولة من الليرة السورية، مما أدى إلى تقلبات حادة في السوق الموازية.  


فقد سجلت الليرة خسائر تجاوزت ثلاثة عشر في المئة أمام الدولار خلال يومي السبت والأحد الماضيين، لكنها رغم ذلك بقيت أعلى من السعر الرسمي بنحو اثنين وعشرين في المئة.

وخلال الأسبوعين الأخيرين، شهدت السوق تقلبات كبيرة، حيث تراجع الدولار من أحد عشر ألفًا وثلاثمئة ليرة إلى سبعة آلاف وخمسمئة ليرة، قبل أن يرتفع مجددًا إلى ما بين عشرة آلاف وعشرة آلاف وثلاثمئة ليرة.  


التذبذب في سعر الصرف وأثره على الاقتصاد


يحذر متخصصون من أن التذبذب الحاد في سعر الصرف يضر بالاقتصاد المحلي، حيث أن التحسن الأخير في قيمة الليرة لم ينعكس على أسعار السلع والخدمات، التي بقيت مرتفعة، مما زاد من الأعباء المعيشية على المواطنين.  


كما أن شح السيولة النقدية، وتأخر دفع رواتب موظفي القطاع العام، والركود في قطاعات الإنتاج، جميعها عوامل ساهمت في استمرار الأزمة الاقتصادية، رغم محاولات المصرف المركزي ضبط سعر الصرف الرسمي.  


ماذا بعد؟

في ظل استمرار التفاوت بين السعر الرسمي والسوق الموازية، يبدو أن أي تعديل في نشرات المركزي لن يكون له تأثير ملموس ما لم يتم تغيير السياسات النقدية بشكل أعمق، مع توفير حلول حقيقية لضبط السيولة، وتحقيق استقرار اقتصادي ينعكس على معيشة المواطنين.

google-news تابعوا آخر أخبار وكالة السوري الإخبارية عبر Google News

مقالات متعلقة