مع تدفق البضائع التركية إلى الأسواق السورية عقب سقوط نظام الأسد، تصاعدت التحذيرات من محللين اقتصاديين بشأن المخاطر التي تهدد الصناعة المحلية، حيث اضطر العديد من أصحاب المصانع والمنشآت إلى التوقف عن الإنتاج وتسريح العمال بسبب عدم قدرتهم على منافسة المنتجات التركية التي تدخل بأسعار منخفضة.
ووفقًا لبيانات وكالة الأناضول التركية، فقد تجاوزت قيمة البضائع التركية الواردة إلى سوريا خلال شهر ونصف بعد سقوط النظام حاجز 233 مليون دولار، وهو رقم وصفته الأكاديمية الدكتورة رشا سيروب، الأستاذة في كلية الاقتصاد بجامعة دمشق، بأنه مؤشر خطير يهدد مستقبل القطاع الصناعي السوري، سواء العام أو الخاص.
تراجع الصناعة وزيادة البطالة
في حديثها لموقع اقتصاد، أوضحت سيروب أن القطاع الصناعي الخاص كان يضم نحو 420 ألف عامل عام 2022، أي ما يعادل 10 بالمئة من إجمالي القوى العاملة في سوريا، ويساهم بحوالي 16 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشارت إلى أن انهيار هذا القطاع لن يؤثر فقط على الوظائف المباشرة، بل سيمتد ليشمل القطاعات المتشابكة مع الصناعة، مما يزيد من معدلات البطالة وعدم الاستقرار الاقتصادي.
كما أكدت أن الصناعة توفر استقرارًا اقتصاديًا أكبر مقارنة بقطاعي الخدمات والسياحة، اللذين يكونان أكثر عرضة للصدمات الاقتصادية.
البضائع التركية.. "حصان طروادة" لإضعاف الاقتصاد السوري
من جانبه، وصف المحلل الاقتصادي جورج خزام البضائع التركية بأنها حصان طروادة يهدف إلى تصفية الاقتصاد السوري وزيادة التبعية الاقتصادية.
وفي منشور عبر صفحته على فيسبوك، أوضح خزام أن المنتجات التركية تغزو الأسواق السورية بأسعار قريبة من تكاليف الإنتاج، مدعومة بإعانات تصدير كبيرة وإعفاءات جمركية، مما يجعل من الصعب على المصانع السورية المنافسة.
وأضاف أن هذه البضائع تروج لفكرة أن المنتج الوطني ذو جودة منخفضة وأسعار مرتفعة، وهو أمر غير دقيق.
وحذر خزام من أن استمرار تدفق المنتجات التركية بهذه الطريقة سيقضي على المزيد من المصانع السورية، ويؤدي إلى تراجع الإنتاج المحلي، وارتفاع معدلات البطالة، مما يمهد لاحتكار الأسواق مستقبلًا بأسعار مرتفعة ومنتجات أقل جودة.
هل تنجو الصناعة السورية؟
في ظل هذه التحديات، يواجه الاقتصاد السوري معركة للحفاظ على ما تبقى من قطاعه الصناعي، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى سياسات اقتصادية تحمي الإنتاج المحلي من الإغراق، وتوفر بيئة تنافسية عادلة للمصنعين السوريين.