يشير التحليل المستند إلى المسوحات الزلزالية في المياه الاقتصادية السورية إلى إمكانات واعدة لثروات الغاز في منطقة البحر الأبيض المتوسط.
على الرغم من التحديات السياسية والجغرافية، تظل سوريا أمام فرصة استثمارية هامة يمكن أن تسهم في تحسين الوضع الاقتصادي للبلاد، بشرط أن تتبع سياسات استراتيجية تراعي التحديات الإقليمية.
حقائق وأرقام
تكشف الدراسات الجيولوجية أن المياه الاقتصادية السورية تضم أجزاءً من ثلاثة أحواض رسوبية رئيسية، وهي حوض المشرق (ليفانت)، حوض قبرص، وحوض اللاذقية. يعد حوض المشرق الأكثر أهمية من الناحية البترولية، حيث تشير التقديرات إلى احتياطات تقدر بـ122 تريليون قدم مكعب من الغاز و107 مليارات برميل من النفط.
وتتزامن هذه التقديرات مع اكتشافات كبيرة في المنطقة، مثل حقول "تمار" و"ليفياثان" الإسرائيلية، وحقل "أفروديت" القبرصي.
الإمكانات البترولية قبالة الساحل السوري
أظهرت المسوحات الزلزالية بين 1975 و2005 أن هناك إمكانات بترولية كبيرة في المياه السورية.
وتم التحقق من وجود حقول غازية بعمق البحر في منطقة اللاذقية، حيث تشير البيانات إلى احتياطيات تقدر بأكثر من 47 مليار متر مكعب من الغاز.
النظام السوري والسياسة البحرية
في عام 2011، طرحت سوريا مزايدات عالمية لاستكشاف الغاز في المياه السورية، لكن العقوبات الدولية حالت دون تقدم المشاريع.
على الرغم من ذلك، بدأت روسيا في 2015 بالاستثمار في هذا القطاع، لكن المشروع لم يحقق تقدماً ملحوظاً بسبب التوترات الإقليمية.
القانون الدولي وحدود الأمر الواقع
تعتمد سوريا في ترسيم حدودها البحرية على مبدأ الأبعاد المتساوية، حيث تم تقسيم المنطقة الاقتصادية الخالصة إلى ثلاث مناطق بحرية (بلوكات) وفقاً للموقع الجغرافي للمدن السورية الساحلية.
لكن التداخلات الحدودية مع دول مثل تركيا ولبنان تزيد من تعقيد الوضع.
إمكانات الغاز قبالة الساحل السوري
تشير الدراسات إلى أن المياه السورية تحتوي على احتياطيات كبيرة من الغاز الطبيعي، حيث تقدّر الهيئة الجيولوجية الأمريكية احتياطيات الغاز في المنطقة بحوالي 700 مليار متر مكعب.
هذه الاحتياطيات تتوزع على أعماق مختلفة، مما يزيد من تعقيد استكشافها.
دبلوماسية الغاز وصراع الموارد
في ظل تطورات ترسيم الحدود البحرية في منطقة شرق المتوسط، تجد سوريا نفسها أمام تحديات متعددة. تعد الثروات الغازية فرصة هامة، لكن صراعات الحدود بين تركيا ولبنان تزيد من تعقيد الوضع.
سياسة "الحياد" التي تنتهجها سوريا قد تواجه صعوبة في الحفاظ على حقوقها البحرية دون التورط في صراعات إقليمية.
استراتيجية سوريا لحماية ثرواتها البحرية
من أجل حماية ثرواتها البحرية، يجب على سوريا تبني استراتيجية توازن بين الحفاظ على حقوقها الاقتصادية وتحقيق التعاون مع الدول الإقليمية والدولية. وتشمل هذه الاستراتيجية عدة محاور:
- التعاون المرحلي: يجب استغلال المرحلة الانتقالية لاستكمال الأطر الدستورية والتشريعية، ما يتيح توقيع اتفاقيات لترسيم الحدود والانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار.
- الربط مع خط الغاز العربي: يمكن لسوريا الاستفادة من مشروع خط الغاز العربي لتعزيز البنية التحتية للطاقة وتحقيق استفادة اقتصادية من الغاز.
- استقطاب مستثمرين جدد: يمكن دعوة شركات عالمية مثل "أرامكو" للاستثمار في المناطق البحرية السورية واللبنانية، حيث تتمتع هذه الشركات بخبرات فنية كبيرة في مجال الغاز الطبيعي.
من خلال هذه الاستراتيجيات، يمكن لسوريا الاستفادة من ثرواتها الغازية لتعزيز اقتصاداتها الوطنية وتحقيق الاستقرار في المنطقة.