اقتصاد

الرسـوم الجمـركـية الجديدة في الشمال السوري: هل هي ضـ.ـربـة قـاضـية للاقتصاد المحلي؟

الرسـوم الجمـركـية الجديدة في الشمال السوري: هل هي ضـ.ـربـة قـاضـية للاقتصاد المحلي؟


تشهد مناطق الشمال السوري، ولا سيما في إدلب، موجة غلاء حادة بسبب تطبيق نشرة رسوم جمركية جديدة أصدرتها حكومة تصريف الأعمال.

هذه النشرة، التي تضمنت زيادات كبيرة وغير متوقعة على الرسوم الجمركية، أثرت بشكل مباشر على أسعار السلع والخدمات، مما أثار حالة من الفوضى والسخط العام في الأسواق.  


ارتفاع الأسعار وتأثيرات الرسوم الجمركية

في مدينة معرة مصرين شمال إدلب، يروي أبو عزيز، وهو تاجر للمواد الغذائية، كيف اضطر إلى رفع أسعار السلع على رفوف متجره بنسب تتراوح بين 10% و20% بعد تطبيق الرسوم الجديدة.

هذا القرار جاء مفاجئاً للتجار، حيث امتنع العديد منهم عن البيع والشراء مؤقتاً قبل العودة إلى العمل على إثر وعود بتعديل هذه اللائحة المثيرة للجدل.  


اللائحة الجديدة لم تؤثر فقط على أسعار المواد الغذائية، بل طالت أيضاً القطاعات الأخرى. على سبيل المثال، ارتفعت أسعار الأدوات الكهربائية بنسبة تجاوزت 35%، في حين تضاعف سعر الدجاج بنسبة 100% نتيجة زيادة الرسوم على الأعلاف.

كذلك، تواجه تجارة الأدوات الكهربائية والأثاث الأوروبي المستعمل تهديداً بالتوقف بسبب الرسوم العالية التي وصفها التجار بأنها غير منطقية.  


اختلاف التأثير بين المناطق السورية

من الملاحظ أن تأثير هذه النشرة الجمركية يختلف بين المناطق الخاضعة لإدارات متعددة في سوريا.

ففي حين ارتفعت الأسعار بشكل ملحوظ في الشمال السوري، شهدت مناطق سيطرة النظام انخفاضاً في الرسوم الجمركية بنسبة تصل إلى 60%.

هذا التباين أدى إلى تفاوت كبير في أسعار السلع بين المناطق، مما يعمق الأزمة الاقتصادية في الشمال.  


رأي الخبراء: "خطأ كارثي"

اعتبر يونس الكريم، الباحث ومدير منصة "اقتصادي"، أن النشرة الجمركية الموحدة تمثل "خطأً كارثياً" نتيجة العديد من المشكلات في تصميمها وتنفيذها.

وأوضح أن المساواة بين التاجر والصناعي في الرسوم أدت إلى زيادة كلفة الإنتاج وإخراج الصناعيين من المنافسة.  


وأضاف الكريم أن تسعير الرسوم بالدولار الأمريكي بدلاً من الليرة السورية يزيد من الضغط على العملة المحلية، حيث يضطر المستوردون إلى تحويل ما يجمعونه من الليرة إلى الدولار لسداد الرسوم، مما يزيد الطلب على العملة الأجنبية في السوق السوداء.  


كما أشار الكريم إلى غياب التمييز بين السلع الأساسية وغير الأساسية في الرسوم المفروضة.

حيث تم فرض رسوم موحدة على السلع الحيوية مثل الحنطة والمحروقات، والسلع الكمالية مثل السيارات، مما يجعل النظام الجمركي غير عملي وقابل للتغيير في المستقبل.  


تحديات اقتصادية مستقبلية

مع استمرار العمل بهذه الرسوم، يتوقع الخبراء أن تتفاقم التحديات الاقتصادية في الشمال السوري.

فالأعباء الجديدة لا تتناسب مع القدرة الشرائية للسكان، حيث لا تتجاوز أجور العامل اليومية 100 ليرة تركية (ما يعادل حوالي 2.80 دولار أمريكي).  


في ظل هذه الظروف، تبدو الحاجة ملحة لتعديل السياسات الاقتصادية والجمركية بما يتماشى مع الواقع الاقتصادي في الشمال السوري، لتجنب مزيد من الأعباء على المواطنين واستعادة الاستقرار في الأسواق.

google-news تابعوا آخر أخبار وكالة السوري الإخبارية عبر Google News

مقالات متعلقة