أعلن وزير النفط والثروة المعدنية في حكومة تصريف الأعمال السورية، غياث دياب، عن إطلاق مناقصات علنية لاستيراد النفط ومشتقاته بنظام الدفع الآجل، في مسعى لتعزيز كفاءة الاستيراد وخلق بيئة تنافسية في قطاع الطاقة السوري.
وأوضح الوزير، في تصريح لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، أن هذه الخطوة تهدف إلى تحسين أداء قطاع النفط وزيادة الشفافية، فضلاً عن بناء الثقة مع المواطنين والمؤسسات، مشيراً إلى ضرورة تجاوز سياسات الهيمنة السابقة التي أضرت بالقطاع.
تحديات قطاع الطاقة السوري
أكد دياب أن الحرب التي استمرت أكثر من 13 عاماً خلفت أضراراً جسيمة في البنية التحتية لقطاع الطاقة، مما جعل سوريا تعتمد بشكل كبير على واردات النفط من إيران لتلبية احتياجاتها الأساسية.
وأضاف أن التحديات تشمل استمرار خروج العديد من الحقول النفطية عن سيطرة الدولة، ما يمثل عقبة كبيرة أمام تأمين المشتقات النفطية ويُفاقم من معاناة المواطنين.
وفي تصريحات سابقة، أشار دياب إلى أهمية إعادة تأهيل القطاع النفطي لدوره الحيوي في الاقتصاد السوري، خاصة في ظل الطلب المتزايد على الطاقة.
وأوضح أن الجهود تُبذل لمعالجة الصعوبات التي واجهها القطاع منذ سقوط النظام السابق، بهدف تحسين الأداء وتعزيز الإنتاجية.
إعفاء مؤقت من العقوبات
وفي سياق متصل، أصدرت الولايات المتحدة إعفاءً مؤقتاً من العقوبات المفروضة على التعامل مع المؤسسات الحاكمة في سوريا، يمتد لستة أشهر بعد انتهاء حكم بشار الأسد.
يُعرف هذا الإجراء بـ"الترخيص العام"، ويسمح ببعض التعاملات في قطاع الطاقة وتحويل الأموال الشخصية إلى سوريا حتى يوليو/تموز المقبل، دون رفع كامل للعقوبات.
وبحسب وزارة الخزانة الأميركية، يهدف هذا الإعفاء إلى ضمان استمرار الخدمات الأساسية، بما في ذلك الكهرباء والطاقة والمياه والصرف الصحي.
يأتي ذلك في وقت تعاني فيه سوريا من أزمة طاقة حادة، حيث توفر الكهرباء الحكومية لمدة ساعتين إلى ثلاث ساعات يومياً في معظم المناطق.
وقد أعلنت الحكومة المؤقتة عن خطط لزيادة الإمدادات الكهربائية إلى 8 ساعات يومياً خلال الأشهر المقبلة.
الثروة النفطية في سوريا
تُعد الموارد النفطية من أبرز مكونات الاقتصاد السوري، إذ تحتل سوريا المرتبة 31 عالمياً في احتياطيات النفط.
وتتركز غالبية الحقول النفطية في شمال وشرق البلاد، ولا سيما في الحسكة ودير الزور والرقة.
وفقاً لتقرير موقع "أويل برايس" عام 2019، يُقدر احتياطي سوريا من النفط بنحو 2.5 مليار برميل، ما يعادل 0.2% من الاحتياطي العالمي.
وعلى الرغم من أهمية هذه الموارد، شهد إنتاج النفط في سوريا تراجعاً كبيراً منذ عام 2008، عندما بلغ ذروته بـ406 آلاف برميل يومياً، ليتراجع إلى 4 آلاف برميل يومياً بحلول 2018.
بحسب وزير النفط السابق، فراس قدور، بلغ الإنتاج اليومي نحو 85.9 ألف برميل في 2021، لكنه انخفض إلى حوالي 15 ألف برميل يومياً في 2023.
وبين عامي 1990 و2010، كان القطاع النفطي يشكل ما يقرب من 50% من الإيرادات العامة و65% من الصادرات، إضافة إلى أكثر من 25% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس أهميته الاستراتيجية للاقتصاد السوري.
مستقبل قطاع النفط
تشير الخطط الحكومية إلى أن تعزيز الاستثمار وإعادة تأهيل البنية التحتية للقطاع النفطي يمثلان مفتاحاً لاستعادة مكانته في الاقتصاد السوري.
كما تُظهر المناقصات الجديدة طموحاً لإعادة بناء الثقة وتحقيق شراكات أكثر كفاءة لمواجهة التحديات التي فرضتها سنوات الحرب.