أقرت سوريا مؤخرًا نظامًا جديدًا للرسوم الجمركية يشمل إعادة هيكلة شاملة للتعرفة الجمركية على البضائع المستوردة، في خطوة تهدف إلى تحفيز الاقتصاد الوطني وحماية المنتج المحلي، وفقًا للحكومة المؤقتة.
إلا أن هذه الخطوة أثارت جدلاً واسعًا بين الأوساط الاقتصادية والشعبية، لا سيما في الشمال السوري الذي لم يكن يخضع للنظام الجمركي السابق.
تزايدت التساؤلات حول مدى فعالية هذه التعديلات في تحقيق الأهداف المعلنة، مثل تخفيف الأعباء عن المواطن وتعزيز الاقتصاد السوري.
في حين يرى البعض أن الإصلاحات قد تؤدي إلى تعقيد المشهد الاقتصادي وزيادة معاناة السوريين، يعتقد آخرون أن النظام الجديد قد يعزز قدرة السوريين الشرائية بفضل تخفيض الرسوم بنسبة 50 إلى 60% على بعض السلع.
أعلنت الهيئة العامة للمنافذ البرية والبحرية في سوريا عن تخفيض الرسوم الجمركية على بعض السلع، مما يعزز قدرة المواطنين على تلبية احتياجاتهم بأسعار معقولة.
وقد تم تطبيق هذه التخفيضات على المواد الأولية التي تدعم الصناعة المحلية، بالإضافة إلى دعم القطاع الزراعي من خلال تطبيق "الرزنامة الزراعية".
لكن القرار أحدث تأثيرًا متفاوتًا على الأسواق السورية، حيث ارتفعت أسعار السلع في الشمال السوري، بينما انخفضت في المدن الكبرى مثل دمشق وحمص وحلب، نتيجة لاختلاف مستوى الرسوم الجمركية بين المناطق.
ومن الأمثلة الواضحة على ذلك، زيادة الرسوم الجمركية في معبر باب الهوى بنسبة تصل إلى 300 إلى 500%.
تحذر العديد من الأصوات الاقتصادية من أن تطبيق هذه الرسوم في هذا التوقيت قد يؤدي إلى اضطراب السوق.
الباحث الاقتصادي عصام تيزيني، على سبيل المثال، اعتبر أن فرض الرسوم الجديدة في هذه المرحلة سيؤدي إلى توتر الأسواق، خاصة وأن الاقتصاد السوري يمر بمرحلة تحول جذري.
وقد يؤثر ذلك سلبًا على توفير السلع وزيادة الأسعار، مما يعمق معاناة المواطن السوري.
كما أشار إلى أن فرض الرسوم الجمركية لحماية المنتج الوطني في هذا الوقت قد لا يكون الحل الأمثل، خصوصًا في ظل غياب الاستقرار الاقتصادي والسياسي.
تيزيني اقترح أن يتم تطبيق سياسة "دعه يعمل، دعه يمر" كحل مؤقت لضمان استقرار الأسواق وتلبية احتياجات المواطنين.
من جانبه، أكد المستشار الاقتصادي الدكتور أسامة القاضي أن توحيد الرسوم الجمركية في سوريا يمثل تحديًا كبيرًا، نظرًا لوجود العديد من المنافذ الحدودية والمرافئ البحرية.
وأوضح أن بعض المناطق، مثل الشمال، لم تكن معتادة على تطبيق نظام الرسوم، مما أضاف صعوبة في تطبيق النظام الجديد.
القاضي شدد على ضرورة إعفاء البضائع الأساسية مثل الأرز والسكر والقمح واللحوم من الرسوم الجمركية، لضمان استقرار الأسواق وتحقيق توازن في العرض والطلب بين المحافظات.
كما أشار إلى أن الرسوم الجمركية المفروضة حاليًا تتراوح بين 5% و7%، إلا أن بعضها شهد زيادات كبيرة.
بناءً على هذه التحديات والآراء المختلفة، يظهر أن تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة في سوريا يواجه عقبات عدة، من بينها تأثيرها السلبي على الاستقرار الاقتصادي في ظل الظروف الراهنة.
يتفق العديد من الخبراء على ضرورة تحسين استقرار السوق وتخفيف الضغط على المواطن قبل فرض المزيد من الرسوم، ويعتبرون أن إعفاء السلع الأساسية من الرسوم الجمركية قد يكون خطوة هامة لضمان توازن السوق واستقرار الاقتصاد الوطني.