الليرة السورية بين الإعفـ.ـاءات الأمـريـكـية وسيـاسات المركزي: انتـعـاش مؤقـت أم بداية لانهـيار جـديد؟

شهدت الأسواق السورية ظاهرة نادرة تمثلت في انخفاض سعر الدولار في السوق الموازية مقارنة بسعره الرسمي في المصرف المركزي.

وبحسب الخبير الاقتصادي يونس الكريم، فإن هذه الظاهرة تعود إلى عدة عوامل:  

1. سياسات المصرف المركزي:

   اتخذ المصرف المركزي قرارًا بتقليص ضخ الليرة السورية في الأسواق، مما دفع التجار وأصحاب المصانع إلى بيع الدولار للحصول على الليرة من السوق الموازية لتلبية نفقاتهم.  

2. زيادة الطلب الحكومي على الليرة:

   مع زيادة رواتب الموظفين بنسبة 400% اعتبارًا من فبراير/شباط 2025، زاد الطلب الحكومي على العملة المحلية، ما أدى إلى تقليل السيولة المتاحة في الأسواق.  

3. ارتفاع عرض الدولار:

   تزامن احتفاظ المصرف المركزي باحتياطيات الليرة مع زيادة في المعروض من الدولار، مما ساهم في انخفاض قيمته في السوق الموازية.  

تأثير الإعفاءات الأميركية

شملت الإعفاءات الأميركية الأخيرة تسهيلات في تحويل الأموال واستيراد موارد الطاقة لدعم القطاعات الإنتاجية كالصناعة والزراعة. ووفق الخبير الاقتصادي يحيى السيد عمر، فإن هذه الإعفاءات:  

- تعزز المؤشرات الاقتصادية:

   تسهم في تحسين الأداء المصرفي، تخفيف التضخم، وتنشيط التجارة الداخلية والخارجية، مما يدعم قيمة الليرة السورية ويرفع قوتها الشرائية.  

- تشجع الاستثمارات الإقليمية:

   قد تدفع الدول الإقليمية لضخ استثمارات في إطار مشاريع التعافي المبكر، مما يفتح آفاقًا جديدة للتجارة والنمو الاقتصادي.  

مع ذلك، أشار السيد عمر إلى أن الإعفاءات مؤقتة ومرتبطة بشروط سياسية. ووفق يونس الكريم، فإن هذه الإعفاءات قد تؤثر على الاقتصاد السوري بطريقتين:  

- إيجابيًا: إذا التزمت الحكومة بالشروط الأميركية، قد يُمدد الإعفاء مما يعزز قيمة الليرة.  

- سلبيًا: في حال عدم الالتزام، قد تتراجع قيمة الليرة بسبب تجميد هذه الإعفاءات.  

الكريم أضاف أن الحوالات المالية الفردية لن تكون مؤثرة بشكل كبير، بسبب قنوات التحويل البديلة التي اعتاد السوريون عليها والتي تُعتبر أقل كلفة.  

الإجراءات الجمركية ومستقبل الليرة

أصدرت الحكومة في يناير/كانون الثاني 2025 قرارات لرفع التعريفة الجمركية، بهدف تحقيق عدة أهداف:  

1. تحفيز الإنتاج والاستثمار:

   تخفيض الرسوم الجمركية على المواد الصناعية مثل المعادن، وإعفاء الآلات الثقيلة المستخدمة في إعادة الإعمار.  

2. حماية المنتج الوطني:

   فرض رسوم على المنتجات المستوردة لتجنب منافسة غير متكافئة مع المنتجات المحلية.  

3. تقليل استيراد الكماليات:

   الحد من استنزاف الدولار عبر تقليل استيراد السلع غير الأساسية.  

رغم هذه الإجراءات، يرى يونس الكريم أن رفع التعريفة الجمركية قد يؤدي إلى ارتفاع التضخم وتفاقم الفقر، بينما يرى السيد عمر أنها قد تسهم في تحسين الاقتصاد وتحريك عجلة الإنتاج.  

يشير الخبراء إلى أهمية تعزيز استخدام الليرة السورية في التداول ومنع اعتماد الدولار كعملة رسمية، لتجنب المزيد من الضغوط على العملة المحلية.  

على المدى القريب والمتوسط، تواجه الليرة السورية تحديات كبيرة. تحقيق الاستقرار الاقتصادي يتطلب جهودًا كبيرة على مستوى الإصلاح السياسي والاقتصادي، إلى جانب الدعم الدولي والإقليمي، للوصول إلى مرحلة التنمية والتمكين الاقتصادي.