بدأت مراكز الدراسات الأوروبية بإعادة تسليط الضوء على مشروع خط الغاز القطري-التركي عبر الأراضي السورية، وهو المشروع الذي رفضه رئيس النظام السابق بشار الأسد، معللاً ذلك بتأثيره السلبي على موقع روسيا كمزود رئيسي للغاز إلى أوروبا.
ووفقًا لما ذكره الأسد في أحد لقاءاته الإعلامية، كان رفض المشروع أحد أسباب الدعم القطري والتركي للثورة السورية.
إحياء مشروع خطوط الغاز بعد سقوط نظام الأسد
بحسب صحيفة "العربي الجديد" القطرية، تزداد أهمية مشروعات خطوط الغاز الإقليمية بعد سقوط نظام الأسد، ومن أبرز هذه المشاريع:
- خط الغاز القطري-التركي: مسار لنقل الغاز القطري من حقل غاز الشمال إلى الأسواق الأوروبية عبر السعودية، الأردن، سوريا، وتركيا.
- خط الغاز الإيراني-العراقي-السوري (خط الغاز الإسلامي): يهدف إلى ربط إيران بأسواق البحر المتوسط وتعزيز نفوذها الإقليمي.
أبعاد المشروع القطري-التركي
تناولت دراسة تحليلية أجراها "فيليبو سارديلا"، رئيس معهد تحليلات العلاقات الدولية في روما، الأهمية الاستراتيجية لخط الغاز القطري-التركي، الذي يبلغ طوله نحو 1500 كيلومتر.
ويهدف المشروع إلى تقليل اعتماد أوروبا على الغاز الروسي عبر توفير بديل أرخص وأكثر استقرارًا.
وأوضح سارديلا أن استقرار سوريا بعد الحرب سيسمح بإعادة التفاوض حول مسارات الطاقة، مما يجعل البلاد منفذًا رئيسيًا لخطوط الأنابيب الإقليمية.
كما أشار إلى أن هذا المشروع سيمثل فرصة لأوروبا لتنويع مصادرها وتقليل الاعتماد على روسيا، ما يعزز مرونتها أمام الضغوط الجيوسياسية المتعلقة بالطاقة.
التنافس على خريطة الطاقة الإقليمية
ذكر الكاتب الإيطالي "جوزيبي غاليانو"، في تحليله المنشور بموقع "إنسايد أوفر"، أن الطاقة كانت سببًا رئيسيًا لدعم روسيا وإيران لنظام الأسد خلال الحرب.
وأكد أن تحقيق الاستقرار في سوريا سيفتح المجال لبناء خطوط أنابيب الغاز وربطها بالشبكة التركية، مما يضمن لأوروبا مصادر جديدة.
كما أشار غاليانو إلى أن المشروع يحظى باهتمام دول أخرى، مثل السعودية والإمارات، اللتين ترغبان في تنويع صادراتهما وتقليل الاعتماد على الطرق البحرية المهددة بالمخاطر في الخليج.
تركيا: مركز رئيسي للطاقة
تلعب تركيا دورًا محوريًا في هذه المشاريع، حيث تسعى لتحقيق مكاسب مزدوجة من خلال الحصول على الغاز من الشرق الأوسط وجني رسوم عبور الأنابيب.
ويمثل المشروع فرصة لتعزيز مكانتها كمركز استراتيجي للطاقة بين آسيا وأوروبا.
التكلفة والإنتاجية
- التكلفة التقديرية:
- خط قطر-تركيا: نحو 10 مليارات دولار.
- خط إيران-العراق-سوريا: بين 6 و8 مليارات دولار.
- الإنتاجية:
- يُقدر إنتاج خطوط الأنابيب بين 30-40 مليار متر مكعب سنويًا، وهو ما يكفي لتغطية جزء كبير من احتياجات أوروبا، التي بلغت حوالي 400 مليار متر مكعب في عام 2022.
انعكاسات استراتيجية
يرى الخبراء أن تنفيذ هذا المشروع سيضعف الاحتكار الروسي للطاقة في أوروبا، مما يمنح الاتحاد الأوروبي مرونة أكبر في تأمين احتياجاته من الطاقة.
بالإضافة إلى ذلك، سيسهم المشروع في إعادة تشكيل خريطة الطاقة العالمية، مما يجعل سوريا مركزًا استراتيجيًا لعبور خطوط الغاز من الشرق الأوسط إلى أوروبا.
عودة مشروع خط الغاز القطري-التركي إلى الواجهة تعكس الأهمية الجيوسياسية للطاقة في المنطقة.
ومع تزايد التوترات العالمية حول مصادر الطاقة، يبدو أن سوريا، بعد استقرارها، ستلعب دورًا محوريًا في تحديد مسارات الغاز المستقبلية، مما يجعلها جزءًا رئيسيًا من معادلة الطاقة الإقليمية والدولية.