أدى انهيار النظام السوري وهروب بشار الأسد إلى روسيا إلى تفاقم الأوضاع في المؤسسات الصحية والمستشفيات، التي كانت تعاني أساسًا من نقص حاد في المستلزمات الطبية واللوجستية، مثل الكهرباء، المحروقات، والنقل.
ومع هذه التطورات، باتت الكوادر الطبية تواجه تحديات غير مسبوقة في استمرار تقديم الخدمات الصحية وسط هذه الظروف الصعبة.
مستشفى "المواساة" في قلب الأزمة
الدكتور حسام حديد، معاون مدير مستشفى "المواساة" للشؤون الإدارية، أوضح أن المستشفى، الذي يعد من أكبر المرافق الصحية في سوريا، يضم 630 سريرًا للرعاية و50 سريرًا للعناية المشددة، ويشمل معظم التخصصات الطبية باستثناء التخصصات النوعية المرتبطة بمستشفيات أكاديمية.
ورغم الظروف الصعبة، أعلن المستشفى حالة الطوارئ واستمر في تقديم الخدمات الطبية الطارئة، حيث أجرى 50 عملية جراحية عاجلة يوم سقوط النظام في 8 ديسمبر، و20 عملية أخرى في اليوم التالي. كما استقبل المستشفى 500 مريض خلال الأسبوع الأول من الأزمة.
وأكد الدكتور حسام أن 90% من الكوادر الإدارية و60% من الكوادر التمريضية ظلت في حالة استنفار، ما ساهم في الحفاظ على استمرارية العمل.
نقص الإمدادات وسعي للبدائل
يعتمد مستشفى "المواساة" والمستشفيات الحكومية الأخرى على البنك المركزي ووزارتي الصحة والتعليم العالي لتأمين المستلزمات الطبية.
لكن هذا الاعتماد تعرض لضغوط متزايدة بعد انهيار النظام، ما دفع المستشفيات للجوء إلى بدائل مؤقتة، بما في ذلك التعاون مع فرق تطوعية وجمعيات خيرية لتأمين الأدوية والطعام والمحروقات.
عبد الرحمن آقبيق، طالب في كلية الطب ومؤسس فريق "الاستجابة السريعة"، أشار إلى أن فريقه قرر دعم مستشفى "المواساة" عبر توفير احتياجاته الضرورية.
وقُسّم الفريق إلى قسمين، أحدهما يعمل داخل المستشفى لدعم الكوادر الطبية، والآخر يتواصل مع الجهات الحكومية والجمعيات لتأمين المستلزمات الأساسية.
تحديات إضافية وحلول مبتكرة
من بين أبرز التحديات التي واجهتها المستشفيات في الأيام الأولى بعد سقوط النظام، كان صعوبة تأمين وصول الكوادر الطبية بسبب التكلفة الباهظة للمواصلات.
وقد ساعد فريق "سند" التنموي في توفير وسائل النقل للكوادر، مما ساهم في تخفيف الأزمة.
وعود بتحسين القطاع الصحي
في 10 ديسمبر، تم تكليف محمد البشير برئاسة حكومة مؤقتة حتى مارس 2025، وتم تعيين ماهر الشرع لتسيير أعمال وزارة الصحة.
الشرع أعلن عن خطط لتحسين القطاع الصحي، بما في ذلك وعود برفع جزئي للحظر عن المستلزمات الطبية، وإنشاء بنية تحتية خلال ثلاثة أشهر.
كما أشار إلى نية الوزارة الاستفادة من الكفاءات الطبية السورية في الخارج، مع وعود بزيادة الرواتب للعاملين في القطاع بنسبة 400% ابتداءً من الشهر الحالي.
ومع ذلك، لفت إلى أن القطاع الصحي يواجه تحديات كبيرة، أبرزها الفساد الإداري الذي يتطلب إصلاحات جذرية.
رغم الأزمة العميقة التي يعاني منها القطاع الصحي، تبقى الآمال معلقة على تحسين الواقع من خلال التعاون بين الكوادر الطبية، الفرق التطوعية، والإصلاحات الحكومية الموعودة.
لكن تحقيق هذه الوعود يظل رهنًا بالتغلب على التحديات المستمرة التي تواجه المؤسسات الصحية في سوريا.