تداول السوريون على نطاق واسع، ليلة سقوط نظام بشار الأسد، إشاعات تتحدث عن مشروع لنقل الكهرباء من تركيا إلى سوريا.
هذه الأخبار رفعت الآمال بتحسن كبير في وضع الكهرباء، مع توقعات باختفاء التقنين من حياة السوريين قريبًا.
لكن الواقع جاء معاكسًا لهذه التطلعات؛ إذ ازدادت ساعات التقنين الكهربائي بشكل كبير في العديد من المناطق السورية، مع غياب الانتظام في مواعيد القطع والوصل.
في بعض المناطق، تراجعت ساعات التغذية الكهربائية مقارنة بما كانت عليه سابقًا، بينما لم تشهد مناطق أخرى أي تحسن يُذكر.
أوضاع مأساوية في دمشق وريفها
رصد موقع "بزنس 2 بزنس" معاناة الأهالي في دمشق وريفها، حيث تشير "أم محمد"، وهي إحدى سكان العاصمة، إلى أن الكهرباء باتت تأتي نصف ساعة فقط في الصباح ومثلها في المساء، مقارنة بما كان عليه الوضع قبل سقوط النظام، حيث كانت الكهرباء تُغذى ساعة مقابل أربع ساعات قطع.
في مناطق مثل القطيفة بريف دمشق، أصبحت التغذية الكهربائية أقل من ساعة يوميًا، حيث تسجل الكهرباء ربع ساعة في الصباح و40 دقيقة في المساء.
أما في البرامكة بدمشق، فقد أصبح التقنين يصل إلى خمس أو ست ساعات قطع مقابل ساعة أو نصف ساعة وصل، في حين شهدت منطقة الهامة في دمشق تقنينًا يصل إلى 21 ساعة قطع مقابل ثلاث ساعات تغذية يوميًا.
أسباب تفاقم الأزمة
يشير مراقبون إلى أن ازدياد ساعات التقنين الكهربائي يعود إلى عدة عوامل، أبرزها:
1. التوقف المفاجئ للإمدادات النفطية.
2. التخريب والسرقة التي تعرضت لها الشبكة الكهربائية أثناء حكم النظام السابق.
3. انخفاض الإنتاج النفطي في سوريا، الذي يقدر حاليًا بـ48 ألف برميل يوميًا، بينما تحتاج البلاد إلى أكثر من 100 ألف برميل لتغطية احتياجاتها.
ويرى خبراء أن استعادة السيطرة على آبار النفط التي تستثمرها قوات "قسد" بشكل غير قانوني، بالإضافة إلى صيانة شاملة للشبكة الكهربائية، قد يساعدان في حل الأزمة.
ومع ذلك، تبقى هذه الحلول مكلفة وصعبة التنفيذ في ظل الظروف الاقتصادية الحالية.
الطاقة البديلة: أمل بعيد المنال
تبدو الطاقة البديلة كحل محتمل لتجاوز أزمة الكهرباء، لكنها خيار مكلف لا يناسب معظم الأسر السورية التي تعاني من الفقر نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة.
وفقًا لتقرير "بزنس 2 بزنس"، فإن كلفة تركيب نظام طاقة شمسية تصل إلى أكثر من مليوني ليرة سورية. حيث يبلغ سعر لوح الطاقة الشمسية بقدرة 450-500 واط نحو 480 ألف ليرة، وكلفة الانفيرتر حوالي 250 ألف ليرة، بينما تتراوح أسعار البطاريات بين 800 ألف إلى 1.2 مليون ليرة، دون احتساب كلفة التركيب والملحقات الأخرى.
هذا المبلغ الضخم يعجز عنه الموظفون في القطاع الحكومي، حيث لا يتجاوز متوسط رواتبهم 400 ألف ليرة سورية شهريًا في أفضل الحالات.
الحاجة إلى تحسين الأوضاع المعيشية
تتطلب هذه التحديات تدخلات جذرية، حيث دعت الإدارة السورية الجديدة إلى رفع الرواتب بنسبة 400%، لتمكين المواطنين من مواجهة تكاليف الحياة اليومية.
ومع ذلك، تبقى هذه الخطوات بعيدة عن التنفيذ، ما يزيد من معاناة الشعب السوري في ظل أزمات متراكمة.