مازن الحمادة، الناشط السوري الذي أصبح رمزاً للكفاح ضد الظلم والتعذيب في السجون السورية، لا يكاد يُنسى اسمه بين السوريين في الداخل والخارج.
فقد عاش هذا الرجل البالغ من العمر 47 عاماً تجربة اعتقال قاسية على يد نظام بشار الأسد، ثم نجا ليصبح صوتاً يفضح جرائم النظام أمام العالم.
من الاعتقال إلى المنفى
هرب الحمادة من سوريا عام 2014 بعد الإفراج عنه من السجون السورية، وانتقل إلى أوروبا، حيث استقر في هولندا.
هناك عمل على كشف الفظائع التي شهدها وعايشها داخل السجون، مستعرضاً أساليب التعذيب الوحشية التي تعرض لها هو وآخرون.
ظهر في العديد من المقابلات بجسد منهك ووجه شاحب، وهو يروي تفاصيل مؤلمة عن الاعتقال والتعذيب. في لحظات كثيرة، لم تسعفه الكلمات، لتتكفل دموعه بنقل حجم المأساة التي مر بها.
عودة غامضة واختفاء
في عام 2020، وفي خطوة مفاجئة، قرر مازن العودة إلى سوريا، في ظل ظروف نفسية صعبة ومحاولات إقناع مورست عليه من النظام، وفق ما أفادت به ابنة أخيه جود الحمادة.
لكن ما أن وصل إلى مطار دمشق حتى اعتُقل واختفى، ليظل مصيره مجهولاً حتى سقوط نظام الأسد في ديسمبر 2024. مع تحرير السجون وفتح أبوابها من قبل الفصائل المسلحة، تجددت الآمال بالعثور عليه حياً.
نهاية مأساوية
غير أن هذه الآمال تحطمت عندما عُثر على جثته في مستشفى حرستا بدمشق، بين عشرات الجثث الأخرى التي حملت آثار تعذيب وحشية.
أقارب مازن تعرفوا على جثته أمس الثلاثاء، وهي ملفوفة بغطاء ملطخ بالدماء.
تفاصيل مرعبة
أكدت جود الحمادة، ابنة أخيه، في منشور على فيسبوك أن مازن قُتل قبل أسبوع من سقوط النظام.
وكتبت بكلمات مؤثرة: "لو صبرت هالأسبوع يا حبيبي.. مع السلامة يا صادق.. مع السلامة يا أصيل."
من جانبه، قال معاذ مصطفى من قوة الطوارئ السورية، إن مازن قُتل حديثاً، ربما قبل ساعات من هروب الأسد.
بدوره، أوضح ستيفن راب، رئيس لجنة العدالة والمساءلة الدولية، أن مستشفى حرستا يُعرف بأنه محطة يتم فيها التخلص من السجناء المعذبين حتى الموت قبل دفنهم في مقابر جماعية.
محاولة للتغطية على الجرائم
يُعتقد أن قتل الحمادة وآخرين جاء على عجل خوفاً من أن يشهدوا ضد جلاديهم. الجثث التي عُثر عليها، والتي بلغ عددها حوالي 40، كانت تحمل جميعها آثار التعذيب الوحشي.
صورة صادمة على مواقع التواصل
انتشرت صور مروعة لجثة مازن على مواقع التواصل، لتوثق النهاية المؤلمة لرجل قضى حياته يناضل من أجل الحرية والكرامة.
تلك الصور كشفت ما عاناه في أيامه الأخيرة، مؤرخة لجريمة جديدة في سجل النظام السابق.
قصة مازن الحمادة ليست مجرد حكاية فردية، بل هي شهادة على معاناة آلاف المعتقلين السوريين الذين دفعوا حياتهم ثمناً في سبيل الحرية.