بينما يمثل شراء منزل حلماً بعيد المنال في كثير من دول العالم بسبب نقص المعروض وارتفاع الأسعار، تواجه اليابان تحدياً مغايراً يتمثل في وجود فائض كبير من العقارات المهجورة.
وفقاً لبيانات حكومية لعام 2023، تمتلك اليابان أكثر من 9 ملايين "أكيا" أو منازل مهجورة، ويصل سعر بعضها إلى أقل من 10,000 دولار، بحسب ما نقله موقع "CNBC Make It" واطلعت عليه "العربية Business".
تنتشر هذه المنازل في الريف والمدن الكبرى، ما يخلق فرصة للمشترين المبدعين.
هذا الفائض العقاري يعود جزئياً لأزمة سكانية، إذ انخفض معدل الخصوبة في اليابان إلى أدنى مستوى عند 1.2 ولادة لكل امرأة عام 2023، فيما تجاوزت معدلات الوفيات معدلات المواليد.
كما أن الهجرة إلى المدن تساهم في زيادة المنازل المهجورة، حيث يترك الشباب المناطق الريفية بحثاً عن فرص العمل، تاركين كبار السن غير قادرين على صيانة منازلهم.
وذكر تيتسويا كانيكو، رئيس الأبحاث والاستشارات في شركة سافيلز اليابان، أن هذه الظاهرة تراكمت منذ عقود إثر ازدهار البناء خلال الطفرة الاقتصادية بعد الحرب، وازدادت وضوحاً في التسعينيات مع تباطؤ الاقتصاد وتغير التركيبة السكانية.
ويشير إلى أن المنازل القديمة غالباً ما تُعتبر عبئاً، وقد تكون موروثة من الأهل، لكن الورثة يفضلون عدم استثمار الوقت والمال في صيانتها.
بالإضافة إلى ذلك، هناك عوامل اجتماعية تجعل بعض الناس يتجنبون شراء هذه المنازل، إذ يعتقد البعض أنها تجلب الحظ السيء أو قد تكون مسكونة.
أما من ناحية المشترين الأجانب، فقد ازداد اهتمامهم بهذه العقارات، مدفوعاً بتغير أنماط الحياة والعمل عن بُعد.
ومن بينهم أنطون وورمان، مستثمر عقاري سويدي، الذي اكتشف المنازل اليابانية الرخيصة خلال زيارة عمل إلى اليابان.
بعد ست سنوات، يمتلك وورمان الآن سبعة منازل مهجورة "أكيا" ويعمل في الاستثمار العقاري بشكل كامل في اليابان.
بالنسبة لاستثمار "الأكيا"، يرى وورمان أنه يمكن أن يكون مربحاً إذا فهم المستثمرون الثقافة واللغة اليابانية ونجحوا في بناء شبكة اجتماعية قوية.
ويوافقه الخبراء، حيث يشير كانيكو إلى أن هذه المنازل قد تكون استثماراً جيداً للهواة أو الباحثين عن ملاذ هادئ، لكنها قد لا تكون مناسبة للمؤسسات الاستثمارية بسبب تكاليف التجديد العالية وإمكانات إعادة البيع المحدودة في بعض المناطق.
كما أضاف كانيكو أن تكاليف الصيانة قد تكون مرتفعة، وخاصة إذا احتاج المنزل إلى ترميمات هيكلية، مشيراً إلى أن عملية شراء المنزل قد تكون معقدة بسبب حاجز اللغة والتعامل مع السلطات المحلية.