تشهد تجارة المواد المستعملة في سوريا، مثلها مثل العديد من الدول الأخرى، انتعاشاً ملحوظاً. فقد أظهرت الإحصائيات نمواً بنسبة 80% خلال العام الماضي، مع توقعات بنمو إضافي بنسبة 100% هذا العام، ليصل حجم السوق العالمي إلى 245 مليار دولار. كما ارتفع عدد العلامات التجارية التي تمتلك قنوات لإعادة البيع على منصات التجارة الإلكترونية من 36 علامة في 2021 إلى 150 علامة في العام الماضي.
من جهته، أشار الدكتور شفيق عربش، أستاذ الاقتصاد في جامعة دمشق، إلى أن انتعاش أسواق البضائع المستعملة يعكس مستوى الفقر الذي يعاني منه المواطن السوري. فارتفاع الأسعار جعل الكثيرين عاجزين عن شراء الأجهزة الجديدة، حيث تتراوح أسعار المراوح الجديدة بين 700 ألف إلى 1.2 مليون ليرة. وبالتالي، يتجه المستهلكون نحو البحث عن بدائل مستعملة، رغم أن أسعارها قد لا تزال تفوق إمكانياتهم المالية.
وفي مقارنة مع الدول الأخرى، أوضح عربش أن الأسواق السورية تحتوي على مواد مستعملة في حالة استهلاك كبيرة، حيث لا يتم بيع القطع التي لم تفقد صلاحيتها بشكل كامل. على عكس ذلك، في الدول ذات الطبقات الغنية، يتم تجديد الأثاث والأجهزة بشكل دوري، مما يجعل السلع المستعملة تبدو جديدة.
كما أشار أحد أعضاء غرفة تجارة دمشق إلى أن السلع المستعملة تنقسم إلى نوعين: السلع المعمّرة التي لا تزال صالحة للاستخدام لفترة طويلة، والسلع غير المعمّرة التي لها عمر استهلاكي محدد، مثل قطع غيار السيارات. وأكد أن ضعف القوة الشرائية يساهم في ارتفاع الطلب على البضائع المستعملة، خاصة في ظل نقص السلع الجديدة بسبب تعقيدات الاستيراد.
من ناحية أخرى، نبّه ماهر الأزعط، نائب رئيس جمعية حماية المستهلك، إلى المخاطر المرتبطة بالبضائع المستعملة، مشيراً إلى أنها غالباً ما تكون مجهولة المصدر وقد تتسبب في حالات غش أو نصب. بالإضافة إلى ذلك، تفتقر هذه السلع إلى الفواتير التي توضح أسعارها ومصادرها، مما يزيد من المخاطر على المستهلكين.
وأشار الأزعط إلى أن التوجه نحو شراء البضائع المستعملة يؤدي إلى كساد المنتجات الجديدة، مما يضر بالاقتصاد الوطني بشكل كبير.