قصة "رسوم قرع الباب" التي شاركها رجل الأعمال محمد صالح الملاح تلامس أعمق مشاعر الوحدة والحزن التي يمكن أن يعيشها الإنسان، خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تواجهها سوريا.
تحكي القصة عن موقف بسيط ولكنه مؤثر للغاية. أثناء قيام أحد موزعي الصحف بعمله اليومي، لاحظ أن صندوق البريد لأحد المنازل مقفول. طرق الباب ليستفسر، فخرج إليه رجل مسن بخطوات بطيئة ومتعثرة، وعيناه تعكس معاناة الزمن.
عندما سأل موزع الصحف الرجل عن سبب إقفال صندوق البريد، أجابه الرجل بأنه تعمد ذلك، لأنه يريد من الموزع أن يطرق الباب أو يقرع الجرس ويسلمه الصحيفة شخصيًا كل يوم. كان طلب الرجل المسن محيرًا في البداية، إذ اعتبره الموزع أمرًا غير عملي ويضيع وقت الطرفين. لكن سرعان ما كشف الرجل العجوز عن السبب وراء طلبه الغريب، حيث قال بنبرة مفعمة بالأسى: "لقد ماتت زوجتي، وابني يعيش في الخارج، وأنا أعيش وحدي، ولا أعلم متى ستنتهي حياتي".
كانت تلك الكلمات كفيلة بأن تُظهر عمق الوحدة التي يعاني منها الرجل العجوز، الذي لا يبحث عن قراءة الصحيفة بقدر ما هو في حاجة إلى صوت طرق الباب أو رنين الجرس، كعلامة على وجود حياة خارجية تربطه بالعالم. أراد فقط أن يشعر بأن هناك من يهتم بأمره، ولو كان مجرد موزع صحف.
ما زاد من تأثير القصة هو عندما طلب الرجل من موزع الصحف أن يتصل بالشرطة في حال طرقت الباب ولم يرد، بل وأعطاه رقم هاتف ابنه في الخارج ليبلغه في حال عدم تجاوبه. في تلك اللحظة، كانت دموع الرجل تروي القصة الحقيقية: قصة فقدان الأحبة والعزلة التي تجعله يتوق لأبسط مظاهر التفاعل الإنساني.
هذا الموقف يعكس جانباً من المعاناة الإنسانية في ظل الظروف الصعبة، حيث تصبح الوحدة أثقل من أي تحدٍ آخر، والإنسان يبحث بأي وسيلة عن أمل يعيد له شعوره بالانتماء للحياة.