أعلنت الحكومة التركية عن برنامج اقتصادي جديد للفترة 2025-2027 بهدف مواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة، حيث يتضمن البرنامج تعديلات شاملة على توقعات التضخم والنمو، مع التركيز على تعزيز الاستقرار المالي ومواكبة التحولات العالمية عبر نهج يقوم على تشديد السياسة النقدية.
الاستقرار المالي والإصلاحات الهيكلية
أوضح نائب الرئيس التركي، جودت يلماز، أن الهدف من البرنامج هو خفض معدلات التضخم تدريجيًا وصولًا إلى مستويات أحادية الرقم، مع تعزيز النمو الاقتصادي. يشمل البرنامج تعزيز الاستثمار المنتج وزيادة التوظيف في إطار رؤية تهدف إلى تحسين الأداء الاقتصادي العام، وتحقيق توزيع عادل للدخل بين كافة شرائح المجتمع. وأكد يلماز أن البرنامج سيعتمد على تنسيق متكامل بين السياسات النقدية والمالية وسياسات الدخل.
كما أشار وزير الخزانة والمالية، محمد شيمشك، إلى أن الأولوية القصوى في المدى القصير هي مكافحة التضخم وتحقيق استقرار الأسعار، موضحًا أن خفض التضخم إلى مستويات أقل سيعزز من استدامة النمو الاقتصادي. من جهته، أكد الرئيس رجب طيب أردوغان دعمه الكامل للبرنامج، مشددًا على أهمية التوازن بين محاربة التضخم وتعزيز الاستثمار والإنتاج والتوظيف.
معدلات التضخم والنمو
يتوقع البرنامج الجديد وصول معدل التضخم إلى 41.5% بحلول نهاية 2025، وهو ارتفاع مقارنة بالبرنامج السابق الذي توقع 33%. كما يتوقع أن يصل التضخم إلى 17.5% في نهاية 2024 و9.7% في 2026. في المقابل، تم تعديل توقعات النمو لعام 2025 إلى 4% بعد أن كانت 4.5%، مع توقع تراجع النمو للعام الجاري إلى 3.5%.
أما على صعيد الناتج المحلي الإجمالي، فمن المتوقع أن يصل إلى 1.33 تريليون دولار في نهاية 2023، مع زيادة نصيب الفرد من الدخل إلى 15,550 دولارًا مقارنة بـ12,875 دولارًا في التقديرات السابقة. كما تسعى الحكومة إلى خفض عجز الموازنة إلى 4.9% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية 2023، مع تقليصه إلى 3.1% في العام المقبل.
البطالة وسوق العمل
يتوقع البرنامج الجديد انخفاض معدل البطالة إلى 9.3% في 2024، مع توقع ارتفاعه طفيفًا إلى 9.6% في 2025 قبل أن ينخفض تدريجيًا إلى 8.8% بحلول 2027. ويعكس هذا التراجع تحسنًا في أداء الاقتصاد وانتعاشًا جزئيًا في سوق العمل.
الصادرات والواردات
قدر البرنامج أن تصل قيمة الصادرات التركية إلى 264 مليار دولار بنهاية 2023، مع زيادة تدريجية تصل إلى 319.6 مليار دولار بحلول 2027. وفي المقابل، ستنخفض الواردات إلى 345 مليار دولار في 2023، مع توقع أن ترتفع إلى 417.5 مليار دولار في 2027، مما يعزز من استراتيجية النمو القائم على التصدير وتقليص العجز التجاري الخارجي.
سياسات التقشف
أوضح الباحث الاقتصادي محمد أبو عليان أن البرنامج الجديد يأتي استكمالًا للبرنامج السابق للفترة 2024-2026، بعد أن أظهرت التقديرات السابقة صعوبة في تحقيق الأهداف الموضوعة. وأكد أن الحكومة تسعى لتحقيق توازن بين السياسة النقدية المتشددة والانضباط المالي، مع خفض الإنفاق العام، من أجل تجسير الفجوة بين الأهداف الاقتصادية والأرقام الفعلية.
وأشار أبو عليان إلى أن تراجع سعر صرف الليرة التركية لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا، إلا أن الحكومة تسعى إلى إدارة هذا التدهور بشكل مدروس لتحقيق أهداف البرنامج. كما نوه إلى أهمية الاستمرار في السياسات النقدية المتشددة، رغم تأثيرها المحتمل على معدلات النمو والبطالة، مشيرًا إلى أن تحقيق الأهداف الطموحة يتطلب التزامًا بالسياسات المالية الحالية.
التحديات والمستقبل
ختامًا، أكد أبو عليان أن البرنامج الاقتصادي الجديد، رغم احتوائه على أهداف طموحة، قد يسهم في تخفيف حدة الأزمة الاقتصادية في تركيا على المدى المتوسط والطويل، بشرط استمرار تطبيق السياسات النقدية والمالية بالوتيرة نفسها.